أحمد مراد (الاتحاد)
كانت سنة 2022 حافلة بالأحداث الدولية الكبرى التي ألقت بظلالها قوية على النظام الدولي، وتأثرت بتداعياتها مختلف دول ومناطق العالم. ففي وقت كان العالم فيه يستجمع قواه للخروج من آثار سنتين بالغتي الصعوبة تجرعهما بسبب تداعيات جائحة كورونا، تفجرت في وقت مبكر من سنة 2022 الأزمة الأوكرانية التي أعادت القارة الأوروبية إلى مربع المواجهة بين الشرق والغرب، وأحيت أكثر هواجس عقود الحرب الباردة صعوبة وحرجاً في المشهد الدولي. ولم تقتصر تداعيات هذه الأزمة الجارفة على الدول المتصارعة، بل ألقت بظلالها الاقتصادية أيضاً على بقية العالم من خلال استقطاب حاد في النظام الدولي، وارتفاع محسوس في أسعار المواد الغذائية، أدى إلى ما بات يوصف بأنه أزمة غذاء عالمية متفاقمة. كما عرفت هذه السنة أيضاً أحداثاً كبرى في دول أخرى كالولايات المتحدة التي عرفت انتخابات تجديد نصفي صعبة، والمملكة المتحدة التي ودعت الملكة إليزابيث الثانية، وكذلك الصين التي دخلت، هي أيضاً، مرحلة تحول سياسي واقتصادي جديدة.
الغذاء.. أزمة عالمية
تجمعت في عام 2022 ثلاثة عوامل رئيسة أدت إلى تفاقم أزمة الغذاء العالمية التي عانت منها العشرات من دول العالم طوال العام، وتمثلت هذه العوامل في: النزاعات المسلحة، والكوارث المناخية، والضغوط الاقتصادية، ما أدى إلى ارتفاع عدد الجوعى في جميع أنحاء العالم من 282 مليوناً إلى 345 مليوناً خلال الأشهر الأولى فقط من عام 2022. وتفاقمت الأزمة بشكل أكبر في الأشهر اللاحقة من العام نفسه، ما جعل برنامج الأغذية العالمي يحذر في يوم الأغذية العالمي (16 أكتوبر) من خطورة استمرار أزمة الغذاء العالمية التي دفعت ملايين البشر على المستوى الدولي نحو مستويات متدهورة من انعدام الأمن الغذائي الحاد. ويبدو أن الأزمة مرشحة للتفاقم في العام الجديد 2023، ما يجعل هدف القضاء على الجوع عالمياً بحلول عام 2030، هدفاً بعيد المنال الآن، أكثر من أي وقت مضى.
قبيل يوم الأغذية العالمي، الذي وافق 16 أكتوبر 2022، خرج ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ليؤكد أن العالم يواجه أزمة غذاء عالمية غير مسبوقة، وأن المؤشرات تظهر أننا لم نشهد الأسوأ بعد، وقد يكون الأسوأ قادماً في السنوات المقبلة.
وقبلها بشهر واحد، وتحديداً في 21 سبتمبر 2022، أصدرت منظمة الأغذية والزراعة «الفاو» التابعة لهيئة الأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي، تقريراً مشتركاً أكد أن أزمة الغذاء العالمية تضيّق الخناق على 19 بؤرة جوع ساخنة في العالم. وتوقع أن يستمر ارتفاع عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم بسرعة بسبب تزايد الصراعات والظواهر المناجية القاسية، وعدم الاستقرار الاقتصادي الذي تفاقم نتيجة تداعيات جائحة كورونا والأزمة الأوكرانية. وتوقع أيضاً أن يرتفع عدد من يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ويحتاجون إلى مساعدات غذائية عاجلة، إلى نحو 222 مليون شخص في 53 بلداً وإقليماً.
وبحسب عدة مؤشرات عالمية، تأتي منطقة القرن الأفريقي على رأس قائمة مناطق العالم الأكثر تضرراً من أزمة الغذاء والجوع في ظل استمرار أطول موجة جفاف هناك منذ أكثر من 40 عاماً، ومن المتوقع أن يواجه ما يصل إلى 26 مليون شخص أزمة من انعدام الأمن الغذائي أو أسوأ في مناطق الصومال، وجنوب وشرق إثيوبيا، وشمال وشرق كينيا. كما لا تزال أفغانستان ونيجيريا وجنوب السودان واليمن في حالة تأهب قصوى، ولا تزال الحالة في جمهورية الكونغو الديمقراطية وهايتي وكينيا ومنطقة الساحل والسودان وسوريا أيضاً مقلقة للغاية وتزداد تدهوراً. وقد تم تمديد حالة التأهب في جمهورية أفريقيا الوسطى وباكستان. وتمت إضافة غواتيمالا وهندوراس وملاوي إلى قائمة تلك البلدان، فيما لا تزال سريلانكا وزيمبابوي ومدغشقر تعتبر بؤر جوع أيضاً.
وحدّدت بعض التقارير الصادرة عن الجهات العالمية المعنية بالغذاء ومكافحة الجوع 3 أسباب لأزمة الغذاء والجوع المتفاقمة، وقد تضافرت هذه الأسباب لتشكل خطراً على ما يصل إلى 828 مليون شخص جائع في جميع أنحاء العالم، وهذه الأسباب هي:
- النزاع ويمثل المحرك الأكبر للجوع، حيث يعيش 60% من الجياع في العالم في مناطق تعاني من ويلات الحرب والعنف.
- الصدمات المناخية التي تدمر المحاصيل الزراعية وسبل العيش، وتقوّض قدرة الناس على إطعام أنفسهم.
- العواقب الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا التي دفعت أزمة الغذاء إلى مستويات غير مسبوقة.
ارتفاع أسعار الغذاء ومعدلات التضخم
شهد عام 2022 ارتفاعات متوالية ومتفاقمة لأسعار المواد الغذائية على صعيد دولي، ما خلق حالات من عدم الاستقرار الاقتصادي في العديد من دول العالم، حيث أدى ارتفاع معدلات التضخم إلى إجبار الحكومات على اتخاذ إجراءات لتشديد السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة، الأمر الذي أدى أيضاً إلى زيادة تكلفة الائتمان في البلدان منخفضة الدخل، ما حد من قدرة العدد المتزايد من البلدان المثقلة بالديون على تمويل استيراد المواد الغذائية والأساسية.
وخلال الفترة من يناير وحتى ديسمبر 2022 ظل تضخم أسعار الغذاء مرتفعاً في مختلف أنحاء العالم، وعلى سبيل المثال أظهرت المعلومات الخاصة بالفترة بين يوليو وأكتوبر ارتفاع معدلات التضخم في جميع البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، إذ سجل 83.3% من البلدان منخفضة الدخل، و93% من الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، و93% من الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل، ارتفاعاً في مستويات التضخم تجاوز 5%. كما ارتفعت نسبة البلدان مرتفعة الدخل التي شهدت ارتفاع تضخم أسعار المواد الغذائية إلى 85.5%.
من ناحية أخرى، أشارت تقديرات نشرة «آفاق الغذاء» الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة، في 11 نوفمبر، إلى ارتفاع فاتورة الواردات الغذائية العالمية إلى 1.94 تريليون دولار في عام 2022، وهو رقم أعلى مما كان متوقعاً من قبل. ويمثل هذا رقماً قياسياً وبزيادة 10% عن المستوى القياسي لعام 2021. ومن المتوقع أن تتباطأ وتيرة الزيادة في الأشهر الأولى من عام 2023 استجابة لارتفاع أسعار الغذاء العالمية وانخفاض قيمة بعض العملات مقابل الدولار الأميركي، وهو ما من شأنه أيضاً أن يحد من القوة الشرائية للبلدان المستوردة، ومن ثم يخفض كميات المواد الغذائية المستوردة.
وبحسب وثيقة صادرة عن صندوق النقد الدولي، فإن هناك حاجة إلى إنفاق ما يتراوح بين 5 و7 مليارات دولار لمساعدة الأسر الأكثر احتياجاً في 48 بلداً تمثل البلدان الأكثر تضرراً من ارتفاع أسعار واردات المواد الغذائية والأسمدة، وثمة حاجة أيضاً إلى مبلغ إضافي قدره 50 مليار دولار للقضاء على انعدام الأمن الغذائي الحاد.
استجابة
في إطار الاستجابة العالمية لأزمة الأمن الغذائي القائمة، تتيح مجموعة البنك الدولي ما يصل إلى 30 مليار دولار على مدى 15 شهراً في مجالات عديدة مثل الزراعة، والتغذية، والحماية الاجتماعية، والمياه والري، وسيشمل هذا التمويل جهوداً لتشجيع إنتاج الأغذية والأسمدة، وتعزيز أنظمة الغذاء، وتسهيل زيادة التجارة، ومساندة الأسر والمنتجين الأكثر احتياجاً.
كما وسع أيضاً برنامج الأغذية العالمي من نطاق أهداف المساعدات الغذائية لتصل إلى رقم قياسي يبلغ 153 مليون شخص خلال عام 2022، وفي منتصف العام، كان قد قدم بالفعل مساعدات إلى 111.2 مليون شخص، ويعمل برنامج الأغذية العالمي والشركاء في مجال العمل الإنساني على التصدي للمجاعة في خمسة بلدان، هي: أفغانستان، وإثيوبيا، والصومال، وجنوب السودان، واليمن.
إمدادات الحبوب و«مبادرة البحر الأسود»
أسهمت تداعيات الأزمة الأوكرانية التي تفجرت في 24 فبراير 2022 في تفاقم أزمة الغذاء العالمية في ظل توقف صادرات أوكرانيا من الحبوب، الأمر الذي تسبب في أزمة كبيرة ولاسيما للدول التي تعتمد بشكل رئيس على واردات الحبوب من أوكرانيا، وخاصة أن روسيا وأوكرانيا تصدران معاً نحو ثلث تجارة القمح العالمية. وبالتالي أثرت الأزمة الأوكرانية على الأمن الغذائي لملايين الأشخاص حول العالم، ما جعل الأمم المتحدة تحذر في مايو 2022 من ارتفاع مستويات الجوع في أنحاء العالم إلى مستوى عالٍ مع تعرض عشرات الملايين إلى خطر المجاعة. وفي مسعى لتخفيف تداعيات الأزمة وقعت روسيا وأوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة في 22 يوليو 2022 اتفاقاً لتسهيل نفاذ صادرات الحبوب والأسمدة الأوكرانية من موانئ البحر الأسود عُرف بـ«مبادرة البحر الأسود»، وذلك بهدف المساعدة في تخفيف حدة أزمة الأغذية العالمية المتنامية.
أميركا وانتخابات التجديد النصفي
في الربع الأخير من عام 2022، كانت الولايات المتحدة الأميركية على موعد مع واحدة من أهم وأشرس المعارك السياسية التي دارت حول انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، وهي الانتخابات التي حظيت بأهمية كبيرة لدى الحزبين الرئيسين المتنافسين، الجمهوري والديمقراطي، ما جعل الرئيس الأميركي جو بايدن يصفها بأنها: «الانتخابات الأكثر أهمية في تاريخنا».
وجرت هذه الانتخابات في ظل سيطرة 5 قضايا رئيسة ومهمة شغلت بال الأميركيين طوال عام 2022، تمثلت في التضخم خاصة مع وصوله إلى أعلى معدل منذ أربعة عقود، وارتفاع أسعار الطاقة، والانقسام السياسي والخشية من العنف، وحق الإجهاض، والأسلحة النارية.
سباق كل عامين
وتُعقد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي (يتألف من مجلسي النواب والشيوخ) كل عامين، وتسمى بالانتخابات النصفية لأنها تأتي في منتصف فترة ولاية الرئيس التي تمتد لأربعة أعوام، وتحظى هذه الانتخابات بأهمية كبيرة لدى الشعب الأميركي نظراً لتأثيرها الكبير على الأجندة السياسية الأميركية، وعلى الاتجاه الذي تسير نحوه البلاد خلال العامين اللاحقين للانتخابات، بالإضافة إلى أنها تكتسب أهمية خاصة عندما لا تتزامن مع انتخابات الرئاسة الأميركية التي تُجرى كل 4 سنوات.
وتُجرى انتخابات التجديد النصفي في كل مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 435 مقعداً، يمثلون جميع الولايات الأميركية بحسب حجمها السكاني، في حين يتم انتخاب ثلث أعضاء مجلس الشيوخ الذي يضم 100 عضو بمعدل عضوين اثنين يمثلان كل ولاية بصرف النظر عن وزنها السكاني، ويعادل ثلث المجلس الذي تُجرى عليه الانتخابات النصفية 35 مقعداً.
مشهد ما قبل الانتخابات
قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس التي شهدها عام 2022، كان مجلس الشيوخ ينقسم مناصفة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي بنسبة 50% لكل منهما، ولكن الديمقراطيين كانوا يملكون الأغلبية من خلال امتلاك نائبة الرئيس، كامالا هاريس، ما يُعرف بـ«حق كسر التعادل في التصويت» بوصفها رئيسة لمجلس الشيوخ. ومن بين الـ53 مقعداً التي جرت عليها انتخابات التجديد النصفي كان لدى الجمهوريين 21 مقعداً، في حين كان لدى الديمقراطيين 14 مقعداً، وكان الحزب الجمهوري يحتاج إلى كسب مقعد واحد فقط لاستعادة الأغلبية في مجلس الشيوخ.
أما في مجلس النواب (الغرفة الأولى للكونغرس) فكان للديمقراطيين قبل انتخابات التجديد النصفي 222 عضواً، مقابل 212 عضواً للجمهوريين، وكانت هناك 3 مقاعد خالية لوفاة أو عزل شاغليها، وبالتالي كان الحزب الجمهوري يسعى من خلال هذه الانتخابات إلى استعادة الأغلبية في مجلس النواب التي خسرها في انتخابات التجديد النصفي التي جرت في عام 2018، وكان يحتاج 5 مقاعد فقط لاستعادة هذه الأغلبية.
وقد اشتدت المنافسة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري بقوة في بعض الولايات في ظل وجود انقسام حاد بين فئات وأفراد المجتمع الأميركي، وتمثلت أبرز الولايات التي حسمت مصير الانتخابات في بنسلفانيا، وجورجيا، ونيفادا، وويسكونسن.
وكان من اللافت للنظر حجم الإنفاق الضخم على حملات انتخابات التجديد النصفى للكونغرس والانتخابات البلدية، وبحسب شبكة «إن. بي. سي» الإخبارية الأميركية، فإن حجم الإنفاق على هذه الانتخابات اقترب من 17 مليار دولار، وهو رقم تاريخي غير مسبوق بالمقارنة مع حجم الإنفاق خلال الانتخابات السابقة، الذي لم يتعدّ الـ10 مليارات دولار.
نتائج غير حاسمة
أظهرت نتائج انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، أن الولايات المتحدة لا تزال منقسمة بالتساوي بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ما قد يمهد الطريق لمزيد من عدم الاستقرار السياسي، حيث حقق الحزب الديمقراطي الفوز بالأغلبية في مجلس الشيوخ بعد حصوله على 51 مقعداً، مقابل 49 مقعداً للحزب الجمهوري، وهو ما اعتبره الديمقراطيون انتصاراً تاريخياً لهم.
أما في مجلس النواب، فقد أكد الجمهوريون سيطرتهم على المجلس بعدما حسموا 221 مقعداً لصالحهم. بينما حصد الديمقراطيون 214 مقعداً، وبالتالي خسر الديمقراطيون أغلبيتهم في مجلس النواب، وأصبح بإمكان الجمهوريين عرقلة مشاريع القوانين الخاصة بهم حتى انتخابات الرئاسة المقرر عقدها في نوفمبر 2024.
ويشير عدد من التقارير إلى أن الحزب الجمهوري سيعمل خلال الفترة المقبلة، عبر أغلبيته في مجلس النواب، على تقييد سلطات الرئيس جو بايدن، حتى يمكن مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة -دونالد ترامب أو غيره- من التفوق على بايدن في الانتخابات الرئاسية التي تُجرى في عام 2024.
الصين الجديدة.. ظروف استثنائية
مرت جمهورية الصين الشعبية خلال عام 2022 بظروف استثنائية، كان أبرزها التباطؤ في النمو الاقتصادي بسبب تدابير الإغلاق المتواصلة. وفي ظل هذه الظروف الدقيقة، عُقد المؤتمر الوطني العشرون للحزب الشيوعي الصيني الذي تواصلت فعالياته على مدى سبعة أيام في الفترة من 16 وحتى 22 أكتوبر 2022. ويُعقد المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني، البالغ عدد أعضائه 97 مليوناً، مرة واحدة كل 5 سنوات، ويُعد «غرفة عمليات» لرسم السياسات والخطوط العريضة الخاصة بالحزب والبلاد، واتخاذ القرارات الجوهرية في ما يتعلق بالشأن السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي.
عصر جديد
وجاء المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني بعد عام واحد من الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيسه، التي حلت خلال العام الماضي 2021، وقد اكتست النسخة الـ20 من المؤتمر أهمية استراتيجية بالغة لاعتبارات كثيرة داخلية وخارجية.
دولة اشتراكية حديثة
وكشفت فعاليات ومناقشات المؤتمر الـ20 عن خطة لبناء صين اشتراكية حديثة قوية على نحو شامل للسنوات الخمس المقبلة وما بعدها، وتقوم الخطة على مرحلتين: الأولى من عام 2020 إلى عام 2035، والثانية من عام 2035 حتى منتصف القرن الحالي.. وتتمثل أهدافها ومهامها الرئيسية في:
• تحقيق اختراقات جديدة في التنمية عالية الجودة اقتصادياً.
• التقدم بخطوات جديدة في الإصلاح والانفتاح.
• تعزيز استكمال نظام اقتصاد السوق الاشتراكي، وتشكيل نظام جديد للاقتصاد المفتوح.
• تعزيز استكمال منظومة حكم القانون للاشتراكية ذات الخصائص الصينية.
• تحقيق مواكبة زيادة دخل السكان للنمو الاقتصادي، والتزامن بين ازدياد مكافآت العمل وارتفاع إنتاجيته.
• تطوير نظام الضمان الاجتماعي متعدد المستويات، وتحسين البيئات المعيشية لسكان الحضر والريف.
نتائج وقرارات مهمة
أسفر المؤتمر عن نتائج وقرارات مهمة، أبرزها تعزيز موقع ومكانة الرئيس شي جين بينج بانتخابه أميناً عاماً للحزب، ورئيساً للجنة العسكرية المركزية للحزب، مما يمهد الطريق إلى انتخابه رئيساً للصين لفترة ثالثة في مارس 2023.
وجاء إقرار عدة تعديلات على دستور الحزب الشيوعي الصيني، من بين أهم نتائج وقرارات المؤتمر، منها:
• إدراج التطورات الجديدة لأفكار شي جين بينج حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد منذ المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب ضمن دستوره.
• إضافة مضامين إلى دستور الحزب تشمل المثابرة على بناء الجيش سياسياً.
• إدراج مضامين في دستور الحزب مثل «الحزب هو أعلى قوة قيادية سياسية»، والتمسك بقيادة الحزب الشاملة وتعزيزها.
تشكيل سياسي جديد
ولعل من أهم نتائج وقرارات المؤتمر الإعلان عن التشكيلة الجديدة للجنة المركزية للحزب التي تمثل «البرلمان الداخلي» للحزب. وبحسب «وكالة أنباء الصين الجديدة» لم تتضمن قائمة الأعضاء 4 من كبار وجوه الحزب، هم: رئيس الوزراء الحالي، لي كه تشيانغ، الذي سيغادر منصبه في مارس 2023، والمسؤول الصيني الثالث لي زانشو، وهان تشينغ، نائب رئيس الوزراء، ووانغ يانغ، رئيس المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني.
وحرص المؤتمر على ضخ دماء جديدة في شرايين الهيكل القيادي للحزب، حيث تم انتخاب أربعة أعضاء جدد باللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب الذي يتكون من سبعة أعضاء بنسبة تغيير تقترب من 60% من إجمالي أعضائها، وتعتبر هذه اللجنة النواة الحقيقية لصنع السياسات داخل الحزب، والأعضاء الأربعة الجدد هم: لي تشيانغ، وتساي تشي، ودينغ شويه شيانغ، ولي شي.
انفتاح اقتصادي ونمط تنموي جديد
في ما يتعلق بالشق الاقتصادي، كشفت نتائج وقرارات المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني عن المساعي الحثيثة لانفتاح الاقتصاد الصيني على العالم الخارجي عبر تسريع تشكيل نمط تنموي جديد، واستمرار السعي إلى تحقيق تنمية عالية الجودة.ويضاف إلى ذلك، تأكيد الصين على مبادرة الحزام والطريق، ودعم الشركاء الإقليميين لما في ذلك من تأثير على المصالح الصينية الأمنية والاقتصادية والتنموية لتأمين حصول الصين على الموارد وتعزيز مصالحها الجيوسياسية.
رسائل للخارج.. رفض الأحادية القطبية
وعلى الصعيد الخارجي، أكدت نتائج وقرارات المؤتمر على تعزيز انخراط الصين في النظام العالمي. وتمثلت إحدى أبرز رسائل المؤتمر الخارجية في التأكيد على رفض الأحادية القطبية، ومعارضة الصين لعقلية الحرب الباردة والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وازدواجية المعايير.
بريطانيا.. عام «انهيار جسر لندن»
لم يمر عام 2022 على المملكة المتحدة مرور الكرام، حيث كان عاماً استثنائياً ومختلفاً، إذ شهدت خلاله بعض التغيرات الجذرية والجوهرية، سواء داخل القصر الملكي «باكنغهام» برحيل الملكة إليزابيث الثانية، الذي أشير إليه إعلامياً بـ«انهيار جسر لندن»، أو داخل مقر مجلس الوزراء البريطاني «10 داونينغ ستريت» الذي حل عليه رئيسان جديدان لمجلس الوزراء في فترة زمنية وجيزة لا تتجاوز شهراً ونصف الشهر.
وفي 8 سبتمبر 2022، رحلت الملكة إليزابيث الثانية، عن عمر ناهز 96 عاماً، بعد مرور 70 عاماً تولت خلالها العرش البريطاني، مما جعلها أطول ملوك بريطانيا جلوساً على العرش.
والملكة البريطانية الشهيرة التي اعتلت العرش في عام 1952 رحلت بعدما قادت المملكة المتحدة في أوقات بالغة الصعوبة، شهدت خلالها العديد من الأحداث التاريخية، كان أبرزها الانتقال من الإمبراطورية إلى اتحاد الكومنولث، ونهاية الحرب الباردة، وانضمام المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي، ثم الخروج منه. وقد تعاقب على رئاسة الحكومة البريطانية خلال حُكمها 15 رئيساً للوزراء، أولهم ونستون تشرشل، وآخرهم ليز تراس التي شغلت المنصب قبل أيام قليلة من وفاة الملكة.
وفي أعقاب الإعلان عن وفاة الملكة إليزابيث الثانية، بدأ تنفيذ خطة وضعت منذ وقت طويل للأيام والأسابيع التي تعقب وفاة الملكة عُرفت بشعار «جسر لندن»، وبدأت بنقل سكرتير الملكة الخاص، اللورد إدوارد يونغ، رسالة على الفور إلى رئيس الوزراء نصها: «سقط جسر لندن»، ليبدأ بعدها رئيس الوزراء تنفيذ الخطة، وفي غضون دقائق تم إبلاغ 15 حكومة خارج المملكة المتحدة عبر خط آمن، وتبع ذلك إبلاغ 36 دولة وزعماء دول الكومنولث حول العالم.
وبعد 4 أيام من وفاة الملكة، نُقل النعش في موكب عسكري من قصر باكنغهام إلى قاعة وستمنستر، وبعدها قامت العائلة الملكية وكبار الشخصيات بتأبين الملكة، وأقيمت الجنازة بعد 10 أيام من الوفاة وجُلب التابوت إلى كاتدرائية وستمنستر، وبعد القداس نُقل إلى قلعة وندسور، ثم أخيراً إلى كنيسة القديس جورج لتدفن الملكة بجوار والدها الملك جورج. وكان ما يُعرف بـ«مجلس اعتلاء العرش» قد أعلن رسمياً في 10 سبتمبر 2022 عن تنصيب الأمير تشارلز ملكاً على بريطانيا، وذلك في جلسة تاريخية متلفزة عقدت في قصر سانت جيمس بالعاصمة البريطانية لندن، وجاءت صيغة الإعلان على النحو التالي:
«الأمير تشارلز فيليب آرثر جورج هو الآن، بوفاة جلالة الملكة إليزابيث الثانية، ملكنا تشارلز الثالث.. فليحفظ الرب الملك».
وفي البيان الأول بعد التنصيب رسمياً، قال الملك تشارلز الثالث: «مع القيام بالمهمة الثقيلة التي كُلفت بها، والتي أكرس لها الآن ما تبقى من حياتي، أدعو الرب أن يرشدني ويوفقني». بعدها ألقى أول خطاب إلى الأمة كملك تعهد فيه بخدمة الأمة بالولاء والاحترام والمحبة.
ويتألف مجلس اعتلاء العرش الذي لم يُعقد طيلة 70 عاماً، مع بقاء الملكة إليزابيث على قيد الحياة، من هيئة مستشارين خاصة يبلغ عدد أعضائها 670 عضواً من كبار الساسة والأساقفة والمفوضين السامين من الدول الأربعة عشرة الأخرى التي يتولى فيها الملك منصب رئيس الدولة.
استقالة بوريس جونسون
قبل وفاة الملكة إليزابيث الثانية بشهرين، وتحديداً خلال شهر يوليو 2022، شهدت المملكة المتحدة واحداً من أهم الأحداث السياسية تمثل في استقالة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، بوريس جونسون، من زعامة حزب المحافظين الحاكم ورئاسة الحكومة، وهي الاستقالة التي أعلنها في 7 يوليو 2022، وجاءت بعد ثلاثة أعوام على توليه زعامة الحزب ورئاسة الحكومة خلال يوليو 2019.
وأعلن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، بوريس جونسون، استقالته من رئاسة حزب المحافظين بعد إعلان أعضاء في الحزب والحكومة عن عدم رغبتهم في العمل معه، منهم خمسة وزراء، وذلك في حركة جماعية غير مسبوقة في التاريخ السياسي البريطاني.
وكانت استقالة الوزيرين البارزين، وزير الخزانة، ريشي سوناك، ووزير الصحة، ساجد جاويد، في 5 يوليو 2022، مؤشراً واضحاً على قرب استقالة جونسون من زعامة الحزب ورئاسة الحكومة، وقد كشف الوزيران في خطابي الاستقالة عن اختلاف كبير في وجهات النظر بينهما وبين جونسون إزاء إدارة الملف الاقتصادي، وفقدانهما الثقة في قدرته على قيادة الحزب والبلاد. وتعددت الأسباب والملفات التي تسببت في الإطاحة ببوريس جونسون، ومن بينها اتهام نائب رئيس حزب المحافظين السابق، كريس بينشر، بتهمة أخلاقية، وهي الواقعة التي اعترف بها جونسون، واعتذر عن تعيين بينشر في منصبه، بالإضافة إلى واقعة «بارتي غيت» حيث أقام جونسون حفلاً في مقر رئاسة الوزراء البريطاني «10 داونينغ ستريت» خلال الإغلاق الأول بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا، وهي الواقعة التي اعتذر عنها جونسون أيضاً.
وكان ما أثير حول تعليق عضوية النائب المحافظ، أوين باترسون، لمدة 30 يوماً بعدما حاول استغلال منصبه لمكاسب شخصية من بين الأسباب التي تسببت في الإطاحة ببوريس جونسون. أما الأسباب الاقتصادية فتمثل أبرزها وأهمها في ارتفاع حجم التضخم في بريطانيا بنسبة كبيرة حيث بلغ 9.1%.
تراس.. أقصر مدة حكومة
فازت وزيرة الخارجية البريطانية السابقة، ليز تراس، في 5 سبتمبر 2022، بزعامة حزب المحافظين الحاكم، لتصبح بذلك رئيسة للحكومة البريطانية خلفاً لبوريس جونسون، وجاء فوزها بعد حصولها على 57% من أصوات أعضاء الحزب، متفوقة على وزير المالية السابق، ريشي سوناك، بنسبة 14%. ولكن بعد 44 يوماً فقط في منصب رئيس الحكومة، استقالت ليز تراس لتصبح صاحبة أقصر مدة في رئاسة الوزراء في تاريخ بريطانيا، وجاءت الاستقالة مع تعالي الأصوات داخل حزب المحافظين الحاكم للتخلص منها بسبب تراجع شعبية الحزب إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ بريطانيا على خلفية أوجه القصور في برنامجها الاقتصادي الذي أثار صدمة في الأسواق.
وغادرت تراس مقر مجلس الوزراء البريطاني بعدما أجبرت على التخلي عن العديد من سياساتها الاقتصادية، وفقدت السيطرة على انضباط حزب المحافظين، وكانت قد أعربت قبل يومين فقط من الاستقالة عن أسفها لأخطاء ارتكبتها في الملف الاقتصادي، وذلك بعد ساعات قليلة على إعلان وزير المالية التراجع عن جميع الإجراءات الاقتصادية التي أعلنت سابقاً. وكانت تراس قد فقدت اثنين من أبرز أربعة وزراء في الحكومة، وجلست صامتة في البرلمان بينما أعلن وزير ماليتها الجديد إلغاء خططها الاقتصادية. وواجهت جلسة استجواب قاسية في مجلس العموم من أحزاب المعارضة الرافضة لاستمرارها بسبب خطتها الاقتصادية، حيث أثارت حزمة التخفيضات الضريبية غير الممولة التي تم الإعلان عنها في 23 سبتمبر 2022 اضطرابات في الأسواق المالية، وتراجع سعر صرف الجنيه الإسترليني، وزادت تكلفة الاقتراض الحكومي في المملكة المتحدة، ما دفع بنك إنجلترا للتدخل لمنع وصول الأزمة إلى الاقتصاد الكلي وتعريض معاشات التقاعد للخطر.
ريشي سوناك.. المنقذ المنشود
في 24 أكتوبر 2022، أصبح وزير المالية البريطاني السابق، ريشي سوناك، رئيساً لمجلس الوزراء، وزعيماً لحزب المحافظين الحاكم على خلفية انسحاب منافسته بيني موردونت، وزيرة العلاقات مع البرلمان، بعد فشلها في جمع ما يكفي من أصوات نواب الحزب، حيث أفادت التقارير بحصولها على 25 صوتاً فقط، فيما جمع سوناك أصوات 194 نائباً.
وجاء ريشي سوناك إلى مقر مجلس الوزراء البريطاني في «10 داونينغ ستريت» بخلفية سياسية تجعله أحد كبار مؤيدي حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقد سبق أن صوت لصالح صفقة رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، تيريزا ماي، لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في المرات الثلاث التي عُرضت فيها على البرلمان، ووصف الخروج من الاتحاد الأوروبي بأنه «يجعل المملكة المتحدة أكثر حرية وعدلاً وازدهاراً».
وكان ريشي سوناك الذي شغل منصب وزير الخزانة في فبراير من عام 2020 قد قاد اقتصاد بريطانيا المتراجع خلال تفشي جائحة فيروس كورونا، ولكنه استقال في يوليو 2022، مبرراً ذلك بأنه قد شعر بأن مقاربته للاقتصاد كانت مختلفة تماماً عن نهج ومقاربة رئيس الوزراء وقتها، بوريس جونسون.
وبعد استقالة بوريس جونسون من زعامة حزب المحافظين ورئاسة الحكومة في يوليو 2022، كان سوناك المرشح المفضل لخلافة جونسون في رئاسة الوزراء وزعامة الحزب، ولكنه فشل حينها في إقناع أعضاء حزب المحافظين الذين صوتوا لوزيرة الخارجية السابقة، ليز تراس، لتخلف جونسون في «10 داونينغ ستريت» خلال سبتمبر 2022.