المصلحة الوطنية مفهوم أساسي في العلاقات الدولية، وسلوك الدول مرتبط دائماً بمصالحها الوطنية وتتحكم به بصورة كبيرة، ومضمون المصلحة الوطنية يكمن في القدرة على البقاء والنمو، وحماية الهوية المادية والسياسية والثقافية والاقتصادية من انتهاكات الدول الأخرى، ومواجهة الخطر والتهديدات والتحدي وخلق الفرص السانحة، وكل ما تشعر به الأمم أنه ضروري لأمنها ورفاهيتها واحتياجاتها، ورغباتها ومطالبها وقيمها التي تحفظ لها السيادة في العلاقات مع الدول الأخرى.
وجرى العرف أن يتم الإعلان صراحةً عن مصالح أي بلد في كل المنشورات والتصريحات والتلميحات، والإعلانات والتقارير والبيانات الرسمية والمنشورات غير الرسمية، وفي غالبية الدول الرائدة تتبنى الحكومة وثائق رسمية مثل بيانات السياسة الخارجية، أو مذاهب أو مفاهيم أو استراتيجيات الأمن الوطني والقومي الخاص بها، ويولي الخبراء الذين يراقبون السياسة الخارجية لدول معينة اهتماماً خاصاً بتقارير وأوراق مراكز التفكير والدراسات، وبخطب الأكاديميين والمحللين والكتّاب والمفكرين والسياسيين، وكبار القادة العسكريين والأمنيين الذين على رأس عملهم أو السابقين، وتوصيات اللجان الوطنية وتوجه الأحلاف أو التكتلات التي تكون الدولة عضواً نشطاً فيها.
تعتبر المصالح الوطنية إعلاناً عاماً عن احتياجات الدولة ونواياها بناءً على تحليل دروس الماضي ومعرفة أفضل الممارسات، وتقييم الوضع الحالي وما يتوقع في المستقبل، ويُنشئ كل ذلك تسلسلاً هرمياً لأولويات السياسة الخارجية لتجنب الاستخدام غير الفعّال للموارد، والإفراط في التوسع أو الانكماش والحياد، أو أخذ موقف مساند أو ضد جهة على حساب الأخرى، أو إحداث التوازن المطلوب ولو كان ظاهرياً، وعليه يعد البيان الرسمي أو شبه الرسمي للمصالح الوطنية نوعاً من القيود المعقولة على الحكومات التي غالباً ما تستخدم السياسة الخارجية لكسب ميزة سياسية على المعارضة الداخلية، وإنْ كانت غير معلنة أو مرصودة من العامة، والعمل على التفوق على المنافسين الخارجيين، كما تزود المصالح الوطنية المعلنة بوضوح المجتمع بمعايير صارمة لموقف الدولة الرسمي من سياستها الخارجية، والحاجة للدعم الوطني الداخلي ليحدث التناغم الاستراتيجي المطلوب لخلق بيئة مناسبة لتلك المصالح. 
تلزم الدول نفسها إلى حد كبير بإعلان مصالحها واستعدادها لمتابعتها بكل الوسائل، مع التعهد بالامتناع عن الأعمال التي من الواضح أنها تتعارض مع مثل هذه التصريحات.
ويمكن أن يكون إعلان المصالح الوطنية أداة فعّالة للسياسة الخارجية وخلق توازن بين طموحات الدولة، وعدم منح المعارضين المؤثرين على الساحة الدولية فرصة سانحة لانتهاك مصالحها أو تقليل نسبة الدعم الشعبي والدولي لها.
وفي الوقت نفسه لا ينبغي المبالغة في تقدير القوة الموحدة لإعلان المصالح الوطنية، حيث تنقسم المصالح ما بين دائمة وحيوية وأساسية ومهمة، وثانوية وعامة ومتغيرة ومحدودة، وذلك وفق الأهمية والأولوية المرتبطة بالغايات والأهداف ومؤشرات الرؤية الوطنية المرغوب تحقيقها، ومن بين الأساليب أو الأدوات الشائعة التي تستخدمها الدولة عادةً لتأمين مصالحها الوطنية هي العلاقات الدولية الدبلوماسية، والدعاية الإعلامية وغير الإعلامية، والتأثير على العقول والعواطف، والوسائل الاقتصادية والمالية، والتحالفات والتكتلات والمعاهدات والقوانين والتشريعات الدولية المدعومة من المنظمات الدولية وصولاً إلى الوسائل القسرية.
كل هذا يعني أن دور القوة في العلاقات الدولية حقيقة معترف بها، وهو قانون غير مكتوب للاتصال الدولي، حيث يمكن للدول استخدام القوة لتأمين مصالحها الوطنية. وأحياناً تستخدم بعض الدول وسائل قسرية لا ترقى إلى الحرب باعتبارها أساليب يمكن أن تستخدمها الدول لتحقيق أهدافها وغاياتها المرجوة: كالحظر والمقاطعة وقطع العلاقات، وغيرها من المسارات التي تستخدمها الدول لإجبار الآخرين على قبول مسار معين من السلوك، أو الامتناع عن مسار تعتبره الأمة ضاراً بمصالحها. وإنْ كان إعلان الحرب والعدوان من الوسائل غير القانونية، ومع ذلك لا تزال الدول تستخدم هذه الوسائل في المسار الفعلي للعلاقات الدولية مقابل الحفاظ على السلام، والذي قد يكون أكثر كلفةً وأقل خدمةً لمصالح الدول في بعض الأحيان.
كاتب وباحث إماراتي في شؤون التعايش السلمي وحوار الثقافات