شهدت الأيام الماضية لعبة عنيفة في سحب البساط وشد الحبل بين التيارين الشيعيين في العراق وهما التيار "الصدري" المنسوب إلى عائلة الصدر التي كان أبناؤها يمثلون أكبر المرجعيات الشيعية العربية قبل وفاتهم والتي يمثلها الآن السيد مقتدى الصدر الابن الأصغر للسيد الصدر رحمه الله والذي يبلغ من العمر 32 عاما وهو لازال تلميذا في طريقه للوصول إلى المرجعية. والتيار الثاني هو تيار السيستاني أكبر مرجعية شيعية بعد اغتيال السيد محمد باقر الحكيم، وهو من أصول إيرانية. في الواقع إن كلا التيارين يتمتع بقواعد شعبية كبيرة في الوسط الشيعي العراقي، لكن الفرق بين التيارين يتمثل في: 1- التفوق الديني للسيستاني إذ أنه هو من يمثل القيادة المذهبية لأغلب الشيعة العراقيين.
2- التفوق السياسي للسيد مقتدى الصدر إذ أنه يمثل آمال كثير من المقهورين العراقيين والمغيبين عن الساحة السياسية لوطنهم الذين يرون أن الحل هو الحل العسكري لحسم قضيتهم مع الأميركيين. ولا ينكر أن هذا التفوق السياسي للصدر كان منبعه المكانة الدينية التي كان يتمتع بها والده.
من هنا بدأت لعبة شد الحبل بين الرجلين وشد البساط ومحاولة كل منهما الاستفادة من الآخر قدر المستطاع.
وبعد الاستفزازات الأميركية للصدر والتفاف العراقيين الشيعة حوله بل انصرف ذلك إلى العراقيين السنة على أساس أن الصدر شخصية عراقية وطنية وليست مذهبية، تطالب بخروج المحتل وحق تقرير المصير للعراقيين، خرج كثير من العراقيين الشيعة من خانة السيستاني الذي استبعد الحل العسكري وعول كثيراً على الحل السياسي ودخلوا في خانة الصدر في ظل سكوت مطبق من قبل السيد السيستاني في وقت أحوج ما يكون فيه العراقيون إلى مواقف حاسمة تداعب صورة البطل المخلص لديهم والمتأصلة في خيالهم والمتمثلة بشخص السيد الصدر المتحدي للأميركيين. وقد شكل هذا الالتفاف خطراً على نفوذ السيد السيستاني مما دعاه إلى اصدار بيان يطالب بضبط النفس، مما أعاد العراقيين الذين خرجوا من خانته إلى العودة إليها مع قليل من التردد.
إبراهيم الزايد- العراق