«أنت كفو» برنامج يبث من تلفزيون البحرين الشقيقة خلال ليالي شهر رمضان المبارك، حظي بتفاعل خليجي وعربي واسع، واستطاع بفكرته الحضارية والإنسانية وبساطته أن يسحب البساط من عشرات البرامج السطحية الممجوجة التي تعج بها الفضائيات الخليجية والعربية على حد سواء.
تقوم فكرة البرنامج على تقديم أصحاب إنجازات ومبادرات عظيمة لصالح مجتمعهم، يتمتعون بحب الخير وروح العطاء والتضحية والإيثار، ممن يعملون ويبذلون بصمت بعيداً عن الدعاية والبهرجة والأضواء بل وينفقون من مالهم الخاص لإسعاد غيرهم. وقدم لنا البرنامج نماذج طيبة وأصيلة من رجال ونساء البحرين ومجتمعها الأصيل المحافظ على هويته وقيمه وعاداته وتقاليده الأصيلة المتوارثة عبر الأجيال، أرض دلمون التي تربطنا بها وبأهلها علاقات تاريخية وروابط ووشائج قربى.
 تفاعل الناس مع البرنامج لبساطته وصدقيته وعظمة رسالته والقيم التي يروج لها والخاصة بتكريم النبلاء الذين يعيشون بيننا ممن يعملون بصمت وبدون ضجيج فقط لخدمة غيرهم وإرضاء ما في داخلهم من حب الخير والعطاء وإسعاد الآخرين.
 شخصياً هزتني تلك الحلقة التي استضافت وكرمت أيمن الحدي البطل الرياضي من أصحاب الهمم الذي تحدى الظروف ليرفع اسم بلاده ويخدم مجتمعه، ويحقق البطولات وكذلك حلقة «أبو الأيتام» خليل الديلمي وغيرهما من الأبطال الحقيقيين الذين لا يخلو منهم أي مجتمع، يعملون بإخلاص وتفانٍ ونكران للذات ولا ينتظرون من الآخرين سوى التقدير والتكريم.
التفاعل الجماهيري الواسع مع البرنامج والبرامج الأخرى الراقية تمثل رسالة وموقفاً رافضاً لكل تلك النوعية من البرامج الخفيفة والهايفة التي تغمر القنوات الفضائية بزعم أرضاء رغبات الجمهور الذين جعلوا من أنفسهم أوصياء عليه وعلى ذوقه، وما يعجبه وما لا يعجبه، ومن هذا الباب سوقوا تفاهاتهم وقبضوا الملايين، ولكن هذا الجمهور نفسه أدار ظهره لهم وعزف عن متابعتهم، لأنه واعٍ ناضج تعززت لديه القناعة بأن تلك الأعمال وبالذات المسلسلات الخليجية المعلبة والمقولبة لا تمثله ولا تمثل قيمه ولا علاقة لها بهويته الأصيلة.
 نعود لهذا العمل الناجح بامتياز«أنت كفو» فقد عبر عن دور الكلمة والأثر الطيب الذي يتركه الإنسان في محيطه، وأن هناك نماذج جميلة وراقية تعيش لتصنع فارقاً في حياة الآخرين.
 ثقافة شكر الآخرين وتكريم المتفانين تنتشر في مجتمعاتنا -ولله الحمد- رغم الصورة الطاغية للمهرجين وعشاق البهرجة والأضواء الخاوين من الداخل، ولكن يبقى «الكفو».