في إجازة «عيد الاتحاد الخمسين»، الذي تحتفل فيه دولة الإمارات بيوبيلها الذهبي، شاهدت الفيلم الإماراتي «الكمين».

وقد أبهرني أداء طاقم الممثلين المكون من مواهب محلية وطنية شابة، والذي غذى كل فرد منهم العمق الثقافي وأوصل المشاعر التي يكنها لوطنه للمشاهد بكل تألق لدرجة أني شاهدت البعض حتى الأطفال لم يتمالك من حبس دموعه من شدة الاندماج مع أحداث الفيلم. الفيلم يسرد وقائع قصة حقيقية في عام 2018 حول دور القوات الإماراتية في تقديم المساعدات الإنسانية للشعب اليمني، والتي وردت إليها معلومات خاطئة أوقعتهم في كمين داخل وادي جبلي، تحت حصار عناصر من المتمردين «الحوثيين»، الذي راح ضحيته استشهاد جندي واحد وإصابة آخرين، وكيف تحرك ضباط القوات الإماراتية لإخراجهم من الكمين، والذين كانوا أبطال هذه الملحمة.

إن إطلاق «فيلم إماراتي حربي» بهذا المستوى الضخم، والذي يعد أكبر إنتاج سينمائي باللغة العربية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، يعتبر تجسيداً للقوة الذكية والتي تعتبر مزيجاً من القوة الصلبة والناعمة، فبسالة وحنكة القوات الإماراتية لمواجهة المتمردين تعتبر هي القوة الصلبة وما تكنه القوات الإماراتية من مشاعر الإخوة تجاه الشعب اليمني، وما تقدمه من مساعدات تعتبر أهم أدوات القوة الناعمة، والتي كانت تخفيها عن تعمد بعض وسائل الإعلام الإقليمية والدولية. كما أن عرض فيلم «الكمين» بهذا التوقيت الذي يجمع بين يوم الشهيد وعيد الاتحاد الخمسين يمكن اعتباره دليلاً على اهتمام دولة الإمارات بالقوة الذكية، وهذا يتضح من خلال إنجازاتها.

كثيرة هي الإنجازات التي تحققت على يد قادة عظماء لدولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى رأسهم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، لكن علينا التنويه أنهم من وضعوا أسس نجاح هذه الدولة، وأبناؤهم كانوا خير خلف لخير سلف، وهنا نستعرض بعض إنجازات الإمارات منذ 2019 إلى 2021، فمثلاً انتخاب دولة الإمارات لعضوية مجلس الأمن للفترة 2022-2023، يعكس نجاح دبلوماسيتها على الساحة الدولية، وكذلك انتخابها لعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الفترة من 2022 إلى 2024.

إضافة إلى ذلك، توقيع وثيقة الإخوة الإنسانية في عام 2019 لأجل السلام العالمي والعيش المشترك لجميع الأديان، وفي عام 2020 كان الاتفاق الإبراهيمي التاريخي، والذي يعتبر مرحلة جديدة في المنطقة لترسيخ الأمن والسلام والاستقرار.

مؤخراً فوز مرشح الإمارات، اللواء الدكتور أحمد ناصر الريسي، برئاسة «الإنتربول» لمدة أربع سنوات، يؤكد ثقة المجتمع الدولي بإدارة دولة الإمارات للشؤون الأمنية خاصة ما يتعلق بتبادل المعلومات حول العناصر الإرهابية، وهذا ما أكده سعادة اللواء الريسي في تغريدته، عندما قال: «سترتكز رؤيتي كرئيس للإنتربول على اعتماد التقنيات الحديثة وتبادل المعلومات».

هذه النجاحات المتتالية على الساحة الدولية تؤكد أن الإمارات نجحت في بناء نموذج لقوتها الشاملة الصلبة والناعمة تستحق اهتمام ودارسة المتخصصين والباحثين في كل أرجاء العالم.

*باحثة سعودية في الإعلام السياسي.