في السادس من مايو من كل عام، تقف دولة الإمارات وقفة فخر واعتزاز لتحتفي بذكرى توحيد قواتها المسلحة، ذلك القرار التاريخي الذي اتخذه الآباء المؤسسون في عام 1976، وجاء ليترجم رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في أن الاتحاد لا يكتمل إلا بقوة عسكرية موحدة تحمي مكتسباته وتصون سيادته وتُعلي رايته.

لم يكن توحيد القوات المسلحة خطوة إدارية فحسب، بل كان إعلاناً صريحاً بأن دولة الاتحاد، الفتية آنذاك، عازمة على أن تكون قوية في مبادئها، راسخة في أمنها، وقادرة على حماية إنجازاتها. لقد جسّد ذلك القرار معاني الولاء والانضباط والوطنية، وأسّس لمرحلة جديدة من الكفاءة التنظيمية والعسكرية، باتت القوات المسلحة الإماراتية بفضلها اليوم إحدى أكثر المؤسسات تطوراً واحترافاً في المنطقة.

على مدى العقود الماضية، لم تقتصر مهام القوات المسلحة على حدود الوطن، بل امتدت لتكون شريكاً فاعلاً في حفظ السلام والمهمات الإنسانية على مستوى العالم. ومن البوسنة إلى كوسوفو، ومن أفغانستان إلى اليمن، وقفت الإمارات إلى جانب الأشقاء والأصدقاء، بعقيدتها الإنسانية وأخلاقياتها العسكرية الرفيعة، حاملة رسائل الأمن والاستقرار.

وتجلّت حكمة القيادة في بناء قوات مسلحة تعتمد على المعرفة والحداثة والتكنولوجيا، حيث أولى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، القائد الأعلى للقوات المسلحة، اهتماماً استثنائياً بتأهيل الكوادر الوطنية، وتوطين الصناعات الدفاعية، وجعل الجندي الإماراتي نموذجاً يحتذى به في المهنية والانضباط والفداء.

وفي يوم توحيد القوات المسلحة، لا نحتفل فقط بمؤسسة عسكرية، بل نحتفي برمز وطني كبير، بمسيرة عزّ ومجد، وبحماة للوطن الذين أقسموا أن تظل راية الإمارات عالية خفاقة، وأن لا يُمسّ أمنها أو يُساء لكرامتها. تحية لكل ضابط وجندي، لكل من ارتدى الزي العسكري بشرف، ووقف على ثغور الوطن بيقظة، وسجّل في صفحات التاريخ فصولاً من الشرف والولاء. وتبقى القوات المسلحة الإماراتية، كما أرادها المؤسسون، درع الاتحاد وسياج عزّه، ورمز وحدةٍ لا تنكسر.

*لواء ركن طيار متقاعد