انخفاض نسبة المقترضين من الأسر المواطنة خلال الربع الأول من عام 2012 مقارنة بالفترة نفسها من عام 2011 بنحو 5 بالمائة، لتصل إلى 61%، بعد أن كانت 66%، حسب مرصد أحوال الأسر المواطنة لدائرة التنمية الاقتصادية بأبوظبي، مؤشر إيجابي داعم للجهود التي تبذلها مختلف الجهات الوطنية للقضاء على ظاهرة الديون وعلاجها على أقل تقدير، خاصة أنها باتت أكبر المشاكل التي تعاني منها الأسر، وتبدد أحلامها، سواء بادخار أو بتأمين الطمأنينة، والعيش الكريم، فالدين هم بالليل وذل بالنهار، وما ينسب للإمام الشافعي قوله في الدين “حملت كل الأثقال فلم أجد أثقل من الدين، وجربت كل المرارات فلم أجد أمر من الحاجة إلى الناس”، أجارنا وكفانا الله وإياكم من أثقل الأحمال وأمر المرارات. ولكن وعلى الرغم من تراجع نسب الاقتراض، إلا أن نسبة القروض الشخصية لا تزال تمثل عبئاً وضغوطاً كبيرة على الأسر المواطنة، حيث بلغت نسبة تلك القروض في المتوسط نحو 33,23% من إنفاق الأسرة الشهري خلال الربع الأول من عام 2012، بارتفاع قدره 2,33 نقطة مئوية عن مثيله خلال الفترة نفسها من عام 2011. نعم، فالديون لا تزال وعلى الرغم من تراجع نسبها تشكل هاجساً ومشكلة اجتماعية ووحلاً أصاب السواد الأعظم من المواطنين، ولن نتحدث عن السبب، والذي هو باختصار مشترك بين إسراف وترف المواطنين، من التسهيلات والعروض التي يسيل لها اللعاب التي تقدمها البنوك كافة على مرأى ومسمع من المصرف المركزي المتفرج على الموقف، إلى أن أصبحت الظاهرة مشكلة اجتماعية مستعصية، وباتت هماً ثقيلاً على كاهل المواطنين، ما حذا بقيادة البلاد العليا التدخل لحل هذه المشكلة والعمل على منع تفاقمها، فكان تأسيس صندوق معالجة قروض المواطنين المتعثرين، الذي يأمل كل مواطن مقترض في أن ينقذه هذه الصندوق ويفك عنه أسر البنوك وقيودها. إن ما نشهده اليوم من تراجع في نسبة الاقتراض يعود بالتأكيد إلى سياسة الاقتراض الجديدة التي حددها المصرف المركزي، وألزم بها البنوك، والتي لم تلتزم بنصها، وباتت تمارس اختراقات من هنا وهناك، لكنها في النهاية أطرت الموضوع، وقننت من التسهيلات التي ُتمنح، كما لا بد من التأكيد على أن مستوى الوعي اليوم بين المواطنين بات أفضل بكثير عما كانوا عليه قبل عام حول الديون ومشاكلها وسلبياتها، وهو ما ساهم بشكل أكبر في تراجع نسبة الاقتراض. أحد الأصدقاء قبل أربعة أعوام سألني عن سيارة، رأيته يركبها في اليوم التالي، وسعرها يفوق نصف مليون درهم، اليوم وبعد أن زاد راتبه بمعدل 20%، هو يفكر منذ ثلاثة أشهر، هل يستبدل سيارته أم لا؟!!، يوم أمس سألته لماذا لم تشتر السيارة الجديدة، وأنت تفكر وتخطط لشرائها منذ ثلاثة أشهر، فرد قائلاً: “يا ريال وايد أفكر، ما صدقت اخلص أقساط السيارة اللي عندي”! محمد عيسى | m.eisa@alittihad.ae