شهدنا بعد ظهر أمس لحظات تاريخية، بوصول أول طائرة إسرائيلية تحط في أبوظبي، في أول رحلة تاريخية مباشرة من مطار بن جوريون في تل أبيب إلى عاصمة السلام، وهي تحمل وفداً أميركياً إسرائيلياً رفيعاً، لتدشين عصر جديد في منطقتنا، يسطع بالسلام والأمن والاستقرار والازدهار.
 لحظات تاريخية لم تكن لتتحقق لولا حكمة وشجاعة رجل سيخلده التاريخ صانعاً للسلام وبانياً الاستقرار، فقد أجمع العالم على رجل المبادرات النوعية والتاريخية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والذي ستصفه كتب التاريخ، ويستقر في ذاكرة الأجيال، بأنه قائد متفرد ذو رؤية استشرافية للمستقبل في الشرق الأوسط الجديد.
كان لافتاً أن الرحلة القادمة من تل أبيب تحمل الرقم 971 وهو رمز الاتصال الخاص بالإمارات، وفي العودة الرقم 972 وهو كذلك رقم الاتصال الخاص بإسرائيل، في لفتة تعكس أهمية التواصل والاتصال لاختراق الحواجز، والارتفاع فوق عقد الماضي، لبناء وصناعة المستقبل.
وفي هذه المناسبة، نذكر بأن الإمارات كانت قد بادرت، وفي خطوة إنسانية شجاعة، بتسيير رحلة جوية مباشرة، منذ عدة أشهر، لتوصيل معدات ومواد طبية للفلسطينيين لمواجهة جائحة كوفيد-19. ولم تكن الخطوة سوى صورة من صور الالتزام تجاه الأشقاء وحقوقهم، وفي مقدمتها حقهم في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. واليوم، يقطفون واحدة من بواكير ثمار معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل، بعد قرار الأخيرة وقف ضم أراضٍ فلسطينية.
وصول الوفد الأميركي الإسرائيلي أمس، يؤرخ لحقبة جديدة في إطار هذه المعاهدة، عنوانها التفرغ لصناعة المستقبل من خلال تعزيز التعاون العلمي والصناعي والتجاري، بما يخدم التنمية ومصالح الشعوب في البلدان الثلاثة، ويحقق الأمن والاستقرار لها، بعيداً عن أباطرة إضاعة الفرص التاريخية، والمتاجرين بآلام ومعاناة شعوبهم، من محترفي بيع الأوهام والشعارات، والذين دفعت أوطانهم ثمناً غالياً، جراء مغامراتهم وخطاباتهم الجوفاء التي لم تحرك ساكناً على امتداد أكثر من سبعة عقود.
لقد كان التفاف أبناء الإمارات والشرفاء في عالمنا العربي ومحيطنا الدولي، حول الخطوة الشجاعة لقيادتنا الرشيدة، نابعاً من الثقة بحكمتها، وريادتها، وبعد نظرها، لصناعة غد مشرق وجميل لهذه المنطقة المنكوبة بالآلام والأحقاد والرؤية السوداوية لتجار الشعارات ومحترفي المغامرات والفشل. باختصار، نحن أمام عصر جديد بتوقيع محمد بن زايد، ونقطة على السطر.