تفشت في مجتمعاتنا ظاهرة الاستيلاء على الجهد الفكري والإبداعي للآخرين بصورة وبائية، والذي أصبح يُعرف بلغة العصر وتقنياته بـ«قص ولصق» في عالم النشر. سطو يمثل ذروة السقوط الأخلاقي عندما ينسب المرء لنفسه عملاً مهما كان نمطُه أو سمتُه لم يبذل فيه أدنى جهد، ويبرز اسمه كصانع له بينما هو وبكل برود استباح جهد غيره، حتى عندما ينكشف الأمر لا يملك شجاعة وأدب وفضيلة الاعتراف.
عدوى الوباء لم تقتصر على الأفراد، بل انتقلت لكثير من المؤسسات في منطقتنا العربية، حيث تجد فضائيات تلفزيونية «تلطش» أفلاماً ومسلسلات عالمية وكذلك أعمالاً فنية لفنانين عالميين من دون أن يرف للقائمين عليها جفن، ويكون «اللطش» واضحاً من رداءة النقل الذي لا تبذل أدنى جهد لتحسينه على الأقل.
 قبل أيام وجد مصرف «إسلامي» عندنا نفسه في وضع حرج للغاية، والانتقاد والاستنكار يمطران حسابه على موقع «إنستجرام»، بعد أن استخدم صورة لمصور إماراتي للترويج لبطاقة ائتمانية جديدة أطلقها، وعليها شعار الهوية الإعلامية للإمارات.
الجهبذ الذي تجرأ على هذه الفعلة والسقطة لم يفكر بتبعات الأمر من بابه الأوسع، وكيف يمكن أن يؤثر في نظرة الجمهور للمصرف ومصداقيته ونزاهة تعاملاته؟.
احترام جهد الآخرين وحقوق الملكية الفكرية رقي وحضارة والتزام أخلاقي في المقام الأول، وإلى جانب ذلك توفر للمبدع الحياة الكريمة التي يستحقها وحتى لورثته بعد وفاته، ونحن نسمع عائدات بملايين الدولارات لفنانين ومبدعين راحلين في الغرب جراء احترام الملكية الفكرية، حيث تجاوزت عائدات بعض المشاهير الراحلين هناك ما كانوا يجنونه وهم أحياء.
 صاحب فكرة استخدام صورة للترويج لبطاقة مصرفه الائتمانية، كان كمن أراد أن يكحلها فعماها، ولم يكن يتصور كل هذا النقد وردود الفعل الغاضبة على فعلته المرفوضة تلك، رغم أنه استخدم صورة شاب إماراتي في الترويج ليضفي طابعاً محلياً على البطاقة بدلاً من تلك الوجوه التي تطل علينا في الدعايات، وهي لا تمت لمجتمع الإمارات بصلة، بل تشوه صورة الزي الإماراتي، سواء الخاص بالرجل أو المرأة. 
الوعي باحترام حقوق الملكية الفكرية في تزايد، وهناك مؤسسات رسمية اليوم تتابع قوة الالتزام بتلك اللوائح والقوانين. وأكثر الجهات نشاطاً في هذا المجال والميدان هي الدوائر الاقتصادية التي تتحرك بقوة وفعالية لمكافحة ظاهرة السلع المقلدة، وتعد أسوأ أشكال انتهاك الملكية الفكرية.