إنه الظل المخادع، الصورة المخادعة، انعكاس لا يعطي شيئاً جديداً، وحدها صورتك تراءت لك أنها آخر يحبك/‏ يعاكسك أو يحاول التحدي أو الاقتراب أكثر، لا تبن تصورك على صور انعكاس الزجاج، فكم كانت هذه الصور مخادعة ومضللة.
كل صباح يأتي يحط على مسافة خطوات من زجاج النافذة ثم يقفز بفرح أو اندفاع لا تعرف مضمونه، فقط أن يظل فترة طويلة في دوران وروحة إلى مسافة ثم الاندفاع إلى الصورة التي تشبهه تماماً، كم رسم من تصور عن الصورة التي تشبهه أو تقابله تماماً، يندفع بعشق لمعانقة الصورة أو نقرها بقوة، هل يقبلها أو يريد تمزيق ريشها بالتأكيد لن تصل إلى تخيله أو تصوره، هل هي أنثى يريد أن يبدأ الحياة معها وبها أو ذكر أيضاً يفتح به كل الأبواب والنوافذ للحياة.
أيام مرت وفي نفس الموعد والوقت والزمن تبدأ هذه القصة/‏ المسرحية تظل النقرات مستمرة حتى زوال الضوء عن تعامده مع النافذة ويأتي الظلال يزيل الصورة. تختفي الصورة المقابلة أو العاكسة لصورة هذا العصفور الجميل.
بعد مدة لم يعد العصفور الجميل يأتي كالمعتاد ولم يزر النافذة، شاهدته مع آخر يبني عشاً على أحد أغصان الشجر في الحديقة، أصبح مشغولاً بالتحليق من الغصن إلى الأرض الواسعة، يحمل أعواداً صغيرة ثم يطير بها إلى عشه وبيته الجديد، وكذلك يفعل قرينه/‏ أنثاه.
انشغل عن النقر على النافذة كل صباح بما هو أهم، لقد صنع حياة جديدة وجميلة وينتظر أن يضع البيض وتربية الأفراخ، لعلها دورة الحياة الطبيعية، هكذا تبدأ بأن تبحث عن رفيق وحبيب ومن يكمل معك الحياة، في البدء تكثر التحليق والبحث والتعب والجري في كل مكان، قد تعشق كثيراً وتحب كثيراً وقد تخسر أيضاً أكثر، ولكن عندما تنتهي الدائرة برفيق للدرب، ربما تصمت كل الدروب ويصبح طريقك واضحاً ومسارك واحداً، قد تنجح في أن تستمر كما حلمت وتخيلت أو أن تبدأ من جديد الحب والعشق والبحث عن النصف الآخر.
وبالتأكيد سوف يأتي عصفور جديد إلى نافذتي لنقر تحية الصباح كما فعل رفيقه الذي هاجر إلى بناء عش جديد وحياة زوجية جديدة، إنها دورة الحياة هكذا تبدأ، تتغير يتبدل كل شيء وتعود دورة الحياة كما بدأت.
أروع الصباحات أن نحلم بالجديد والمتغير مهما كان ظرفك ووقتك وزمنك، غنّ للحياة أو حلق مثل عصفور الصباح لتحب كل شيء جميل..