هي سمة الكائن البشري حين تهرب من بين شفتيه كلمة سلام، ليتحول إلى وحش بغيض، يحك جسده في رمضاء الكراهية، ويمضغ بين أسنانه خشاش الكدر.
من يتابع المشهد في اليمن العزيز يشعر بالأسى، والحزن لما يقوم به العصابي الحوثي، فإذا كان القتل فعلاً شنيعاً، وسلوكاً تجزع منه النفس، وينفر العقل في الأيام العادية، فما بال الأيام المباركة والتي ذكرت فيها الآيات الكريمة التي تحرّم القتل، لا شك أنه أمر فظيع وجلل، ولا شك أن ابتلاء اليمن بهذه الآفة الحوثية يحتاج إلى صحوة عالمية ونهضة دولية تعيد الأمور إلى نصابها، فمن حق الإنسان اليمني المطحون تحت آلة الحقد أن يعيش كسائر البشر، وأن يهنأ الطفل اليمني بطفولته، وأن يذهب إلى مدرسته آمناً من رصاصة غادرة أو تفجير حانق، من حق الطفل اليمني أن يمارس حياته بعيداً عن الضجيج، والعجيج، وأن يشعر أنه على أرضه التي كانت في يوم ما جنة عدن، كانت سعيدة بمملكتها التي صنعت أول ديمقراطية في الكون، هذا هو اليمن الذي نتمناه، ونريده، وهذا هو الإنسان اليمني الذي نأمل بأن يخرج من شرنقة الحياة الدموية والعبثية والعدمية التي ترسم صورة التلاشي لهذا البلد العربي العزيز، والذي أصبح نهباً لأجندة شوفينية تستغل غفلة أصحاب البلد، فتوشح مآربها بلثام الدين، والدين بريء من هذه النعرات التي لا تهدف إلى تحويل الوطن العربي إلى ميدان صراعات، ينتج عنها فتات أوطان ممزقة، محرومة من حريتها، واستقلالها، تسير في ظلمات التناحر كمن يتعثر في الحصى تحت جنح الليل الدامس.
لذلك نقول إن اليمن بحاجة إلى هبة أممية تمنع هذا النزيف، وتوقف الحرب، وتردع كل من يقف وراء هذه الحرب الضروس، وكل من يشعل نيرانها ليعرض الأبرياء إلى الخطر، ويفتك بمستقبلهم. اليمن أُنهك، واستهلك، ولم يبق له مسافة نحو الإبادة الجماعية إلا خطوات، وهذه الطامة لن تنسحب عن عنق كل يمني إلا إذا حدث التدخل الدولي، وأسكت الهدير، ليبدأ العالم من بعد إعادة بناء اليمن من جديد لأنه لم يبق في هذا البلد ما يمكن إعماره، بل هو بحاجة إلى البناء، وأول شيء يجب أن يتم بناؤه هو الإنسان الذي دمّر نفسياً، وأصبح في الحياة كائناً خاوياً من المعنى.