مع اقتراب المناسبة الوطنية الأهم، عيد الاتحاد الـ52، ترى على وجوه الصغار وروداً تتفتح وسحابات تتهيأ للمطر، وأغنيات على لسان الطير، تدوزن أوتارها، وأبجدية للغة الأشجار تضيء حروفها، وخيط من السماء ينسل كأنه الحرير على تفاصيل أنثوية بديعة.
عندما تسير في الشارع، وترى الناس جميعاً، مواطنين، ومقيمين على حد سواء، يطوفون بين الرموش، موشحين بعلامات الفرح، مجللين بأحلام الجلال، والجمال، مكللين بأنغام النجوم الراقصة طرباً، ليوم هو الحلم، هو النغم، هو الكرم، هو خير النعم، يوم يستدعي الذاكرة لزمن كأنه في الإمارات، كواكب تنثر وعيها في الأفق، ولا تجد ما يجعلك تخفف الوطء نحو غايات، ولا رايات.
الأعلام كانت ينقصها لون الأخضر اليانع، حتى جاء الاتحاد، ووضع لمسة الوجود على وريقات القلب، عندما لون حياتنا بفرح الوحدة المؤزرة، بوحدة الوجود، وحدة بنت أواصرها على تربة التاريخ، وشيدت التفاصيل عند ركن القناعات، بأن الاتحاد مطلب وجودي، ولا وجود بدونه، وكأن ما تمناه كل مواطن، وكل ما سعى إليه قادة آمنوا بأن في الاتحاد قوة، وبأساً شديداً، وفي الاتحاد حلم يكحل الرموش بإثمد الطموحات الكبرى، وهدف يزرع في الأفئدة أشجار النشوء، والارتقاء.
وتم، ولا ختام، لأن الطريق إلى المجد، أطول من أبعاد الكواكب والنجوم، فسارت القافلة، مدججة بسواعد تبني، وقلوب تعشق الحياة، وعقول يخضبها الوعي بأهمية الاتحاد، بحناء الإمساك بالمفصل، والفاصلة، ولا خيار غير الاتحاد، ولا معيار للقوة والجسارة، غير التئام الشمل، وجمع النجوم السبع عند شغاف السماء، سماء الوعي، سماء المشاعر المرهفة، وهي ترى علم الاتحاد يخفق كأنه الجناح العملاق، علم الاتحاد يرفرف، كأنه الأغصان السامقة، علم الاتحاد يدندن في سويداء القلوب، كأنه القيثارة العريقة.
علم الاتحاد يعزف النشيد الوطني في عالي السماوات كأنه الجمال في وجه اللجين، وعلم الاتحاد يكسو عيون الصغار، بعنفوان المجد المجيد، وعلم الاتحاد يذكر الناس أجمعين، بأن الاتحاد سارية عملاقة، وعلم الاتحاد شراع للسفر حيث تكمن النجوم، وحيث تكون الأهداف السامية.
هكذا نرى أطفالنا وهم يستعدون لهذا اليوم، نرى أطفالنا، يهتفون بحب الوطن، بوجد، ومهج متألقة بأنوار الأنفة، والكبرياء، والشيم العالية، وكرامة الناس النبلاء، تقود جيادهم قيادة ترف كف الإباء عالياً، وتمضي بالقافلة، إلى حيث تتفتح أزهار المجد، وتسمق أشجار الحياة.
يوم الاتحاد، يوم البذل، والعطاء، والآمال العريضة، والأمنيات بحجم التضاريس الممتدة من السلع حتى شعم، مروراً، بقلوب العشاق، زاهية، منمقة بالفرح، منمنمة بالسعادة، مزدهرة بصوت، وصيت، أسمع العالم، وأوصل الصورة الرائقة، بكل معانيها، وكل تفاصيلها، وكل فواصلها، وكل أغاني البحر، والصحراء، وكل أشجان الغافة، وألحان النخلة النبيلة.