انتقلت «زمرة بورتسودان» من مرحلة عدم القبول بحكم محكمة العدل الدولية، إلى السير في طريق الباطل من جديد ليس بالبراهين، بل بإجراء مهين للشعب السوداني ككل، ألا وهو بالإعلان عن قطع العلاقات الدبلوماسية والخارجية مع دولة الإمارات العربية المتحدة وهي الشقيقة منذ تأسيسها للسودان وشعبه المميز بالطيب. وهذه الزمرة التي تفتعل الأزمة تلو الأخرى، تتورط الآن في قطع أوصال الشعب السوداني، وقطع الوصال بين السودان وأشقائه. زمرة بورتسودان عندما أعلنت قطع العلاقات مع دولة الإمارات، فإنها بذلك تسعى إلى قطع أوصال أكثر من 200 ألف سوداني يعيشون في وطنهم الثاني الإمارات.
هذه الزمرة بجرة قلم ضلّت طريقها في الزمان والمكان الخطأ. الإمارات أبت إلا أن يظل شعب السودان في الدولة بظلال الحب والمودة والمحبة الصادقة، ورفض قرار نظامه الذي عرض أكثر 30 مليون سوداني للمجاعة والتهجير والتشريد في اللامكان واللا أمان.
لقد قابلت أحد السودانيين، من الذين آوتهم الإمارات في قلبها بعد الأزمة، قائلاً: «وفرت لنا دولة الإمارات كل سبل العيش الكريم.. وفرت لنا الأمان والطمأنينة في أرضها». وقد تواصلت مع أحد زملاء العمل من الأشقاء السودانيين بعد قرابة ثلاثة عقود للسؤال عن الحال والمآل قائلاً: «لما علمت بأن الأوضاع لم تعد تطاق في السودان فكرت في جلب أفراد العائلة معي إلى الإمارات الأرض التي قضيت فيها كل عمري حتى بلغت الستين، فقررت السفر مجازفاً بحياتي من أجل البقاء على حياة أفراد أسرتي، فلم أتوقع أننا سنعود سالمين وحتى أثناء تحليق الطائرة، كانت الصواريخ تلاحقنا ولكن الله سلمنا إلى وطن، الأمن فيه وطن آخر». ذاك فرد عادي عانى ما عانى حتى حطت رجلاه دار زايد الآمن، الذي آوت لاجئين من تسع عشرة دولة وليس من السودان فحسب.
الإمارات ليست وحدها التي رفضت الاعتراف بقرار «زمرة بورتسودان» بالقطيعة، بل إن السفير السوداني لدى الدولة ذهب كذلك في الاتجاه ذاته، وهو ما يؤكد لدينا حقيقة أن النظام يحارب نفسه من جديد، ويكرر أخطاء العقود الماضية، بلا أدنى تفكير في مصلحة الشعب الصابر على الضنك سنين طويلة. ماذا قال السفير عبدالرحمن شرفي عن قرار زمرة بورتسودان؟ قال: «أعرب عن رفضي القاطع للإعلان الصادر عن طغمة الإسلاميين ببورتسودان بقطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وسحب سفارة السودان في أبوظبي والقنصلية العامة بدبي، والذي أُعلن في 6 مايو 2025، باعتباره صادراً عن جهة تفتقر إلى الشرعية ولا تمثل الإرادة الحقيقية للشعب السوداني».
الإمارات رغم القطيعة المجحفة في حقها وحق الجالية السودانية على أرضها المعطاء، لم تحد يوماً عن طريق الإنسانية التي لا تعرف لوناً أو ديناً، وهي أن تشعر بغيرك، أن تمد يدك لمن يحتاج، أن تكون صوتاً لمن يحتاج أن يُسمع.. قبل أن تكون مسلماً، كن إنساناً، كن قلباً يُدرك معنى العدالة، معنى الألم، معنى الحرية التي يستحقها كل شخص في هذا العالم.
*كاتب إماراتي