فيما يعكس تكثيف دولة الإمارات العربية المتحدة جهودها لتعزيز جاذبيتها كوجهة للاستثمار الأجنبي والترويج لفرصها الاستثمارية، أطلقت «إنفستوبيا» في 10 يونيو 2025 الدورة الأولى لنسختها الجديدة من حواراتها العالمية، وهي «إنفستوبيا- المتوسط»، والتي انعقدت في قبرص، بحضور معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، رئيس «إنفستوبيا»، وذلك بهدف تعزيز آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري في قطاعات الاقتصاد الجديد، كالتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، وقطاعات السياحة والطاقة المتجددة والنقل اللوجستي، مع استشراف أحدث الاتجاهات في مجالات التمويل والاستثمار بالأسواق الأورومتوسطية وبحث الفرص الاستثمارية التي تربط دولة الإمارات بالأسواق الحيوية بتلك المنطقة.

يأتي انعقاد تلك الفعالية عقب النسخة الناجحة من «إنفستوبيا- أوروبا» في مايو 2025، وفي إطار الشراكة الاقتصادية والاستثمارية بين دولة الإمارات وقبرص، ودور «إنفستوبيا» كمنصة وطنية للمستثمرين تسهم في تمكين الشركات من النفاذ إلى أسواق جديدة، حيث شارك في هذه الدورة عدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين والمستثمرين والخبراء ورواد الأعمال، ما يفتح المجال لتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي بين الدولتين، حيث بلغ إجمالي تدفقات الاستثمارات القبرصية إلى دولة الإمارات أكثر من 420 مليون درهم خلال الفترة من عام 2020 حتى عام 2024، كما يعمل في السوق الإماراتية نحو 424 علامة تجارية قبرصية في مجالات تتضمن التكنولوجيا والطاقة واللوجستيات.
وفيما يعكس أهمية دور «إنفستوبيا» في الدفع بجهود دولة الإمارات لتحقيق مستهدفاتها الاقتصادية والاستثمارية الطموحة، تجدر الإشارة إلى كونها منصة استثمارية عالمية ضمن المبادرات الاستراتيجية الرئيسة لـ «مشاريع الخمسين»، وقد أُطلقت في نوفمبر 2021 من قِبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، ومعالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، وقد نجحت تلك المنصة في تنظيم 14 فعالية دولية، بحضور أكثر من 2900 مشارك ونحو 1700 من المديرين التنفيذيين بالشركات حول العالم، بالإضافة إلى تبنيها مستهدفاً وطنياً، باستقطاب استثمارات أجنبية بنحو 550 مليار درهم حتى عام 2031 وتريليون درهم بحلول عام 2051.
وهنا تبرز المقومات الاستثمارية التي تتمتع بها دولة الإمارات، حيث جاءت بالمركز الأول عالمياً، للعام الرابع على التوالي في «تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال» لعام 2024-2025، بين 56 دولة يشملها التقرير، فضلاً عن مجيئها بالمركز السابع عالمياً والأول عربياً في «التقرير العالمي للتنافسية» لعام 2024، الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية، مقارنة بترتيبها بالمركز الـ 10 في عام 2023، ما يسهم بتعزيز جاذبية الدولة للاستثمار الأجنبي، وبما يتسق مع مستهدفات «الاستراتيجية الوطنية للاستثمار» التي أقرها مجلس الوزراء في مارس 2025، والتي تستهدف رفع المعدل السنوي لتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الدولة من 112 مليار درهم في عام 2023 إلى 240 مليار درهم في 2031، خاصة مع تكثيف جهودها للمضي ببرنامجها للشراكات الاقتصادية الشاملة، الذي أطلقته الحكومة في سبتمبر 2021، واستهدافها إبرام اتفاقيات مع 27 دولة وتكتلاً اقتصادياً، بما يشمل 103 دول تمثل نحو 95% من التجارة العالمية.
في ظل استهداف دولة الإمارات رفع مخزونها للاستثمار الأجنبي من 800 مليار درهم إلى 2.2 تريليون درهم خلال السنوات الست القادمة، تبرُز الحاجة إلى المزيد من الجهود للترويج للاستثمار وفتح قنوات وآفاق جديدة للتعاون مع الشركاء الاقتصاديين للدولة، وفي هذا السياق، أعلنت «إنفستوبيا» اعتزامها إطلاق نسختها الخامسة في أبوظبي في عام 2026، والتي ستُقام للمرة الأولى لمدة ثلاثة أيام، من 31 مارس إلى 2 أبريل 2026، بحيث تتضمن عدة جلسات نقاشية حول مستقبل الاستثمار في قطاعات الاقتصاد الجديد وأحدث التوجهات والأدوات التمويلية، بالإضافة إلى إقامة منتدى عالمي لمناقشة شؤون ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة بمشاركة إقليمية ودولية واسعة.
تأتي تلك الجهود ضمن إطار متكامل لتعزيز النمو المستدام وتنافسية الاقتصاد الوطني إقليمياً وعالمياً، وجعله بيئة جاذبة للعقول والكفاءات ومحفزة للابتكار، وبما يتسق مع توجهات الدولة والمبادئ الواردة بـ «وثيقة المبادئ الاقتصادية لدولة الإمارات»، ومنها اقتصاد منفتح على العالم بلا قيود، الاستثمار في الاقتصاد الرقمي، وأفضل نظام مصرفي لتعزيز زخم النمو الاقتصادي.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.