قبل أيام قليلة استمعت لجنة من الكونغرس الأميركي إلى أربعة أشخاص يمثلون جهات "إصلاحية " في أربع دول عربيه هي السعودية ومصر وسوريا والجزائر. هذا الاختيار لم يكن مصادفة، ولا يمكن الاعتقاد إلى ما ذهب إليه أحد أعضاء هذه اللجنة، والذي قال "إن الاختيار كان عشوائياً ولم يكن مركزاً على هذه الدول العربية الأربع"، خاصة إذا تم ربط هذا الحدث بتصريح للرئيس بوش في الأسبوع نفسه حول "المطالبة بالإصلاحات والتغيرات من بيروت إلى طهران". يدعم هذا التصور الخطوات المتتالية التي جرت في المنطقة العربية خلال العامين الماضيين ابتداء من العراق وانتهاء بفلسطين ولبنان وسوريا والسودان.
التحول الدولي الجذري السريع الذي حدث خلال العقد الأخير أصبح معه من الصعوبة عزل "الذات"، وأصبح الانفتاح السياسي والاقتصادي والترابط الذي بينهما شرطا أساسيا لدخول الساحة الدولية والتفاعل مع الآخرين. يبرز هذا الحاجة إلى طواقم سياسية تأخذ شرعيتها من الجمهور وتكون أمينة على مصالحه.
الحكومات العربية المعنية عليها التفاعل مع هذا الواقع والاستجابة الحقيقية وليست الشكلية لهذه الاستحقاقات من خلال تأسيس قواعد عمل سياسي جديد تعتمد الديمقراطية وحرية الفكر والتداول السلمي للسلطة من خلال الانتخابات العامة وإلى عدم تغييب دور المرأة العربية. أبرز نقاط الضعف التي يستخدمها الغرب ذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية لأغلب البلدان العربية تتكون من هذه العناصر، وقبل هذا، ومن الناحية الفعلية هذه مطالب وطنية وشعبية حان وقت الاستجابة لها. ثم يبقى التساؤل المشروع لماذا علينا أن ننتظر الإصلاحات من الخارج وهذه المشاريع قد لا تتطابق مع واقعنا العربي والإسلامي، وقد يرافقها عناصر التباعد والتناقض للوطن الواحد بينما إيجابية مبادرتنا الإصلاحية الداخلية ستحمل معها عناصر وصفات ليست طارئة ولا غريبة على مجتمعاتنا, وستوصد أبواب التدخلات الخارجية وستقوي الوحدة الوطنية أمام الآخرين؟ لذلك بات من الضروري أن يتم خلق أرضية عمل مشتركة بين الحكومات والنخب العربية لإيجاد مناخ مناسب لإصلاحات عربية بارزة وليس "إعلانات ودعايات "حكومية الغرض منها ذر الرماد في العيون.
محمد الوادي - صحفي عراقي - كوبنهاجن