أوباما و«محور آسيا»
تمكن "آشتون كارتر"، نائب وزير الدفاع الأميركي، من تخصيص وقت كاف لمناقشة خطط الولايات المتحدة العسكرية لمحور تركيزها الاستراتيجي الجديد في منطقة آسيا المطلة على المحيط الهادئ، وذلك خلال المؤتمر الأمني الأول لأوروبا الذي عقد في مدينة ميونيخ- ألمانيا، هذا الشهر، الذي حاول أثناء انعقاده طمأنة حلفاء أميركا القلقين في "الناتو" بأن محور تركيز أميركا الجديد على آسيا ليس معناه التخلي عن أوروبا.
كان من ضمن ما قاله نائب وزير الدفاع الأميركي في هذا الصدد "إن أوروبا، لحسن الحظ، تعد مصدراً للأمن وليس مستهلكاً للأمن في عالم اليوم".
وقال أيضاً:"إذا كانت آسيا قد ظلت تزدهر على مدى سبعين عاماً، فإن ذلك لم يحدث تلقائياً، وإنما بفضل السلام والرخاء اللذين نعمت بهما القارة، بسبب الدور المحوري للقوة العسكرية الأميركية في هذا الجزء من العالم". والدور الذي أشار إليه "كارتر" مرشح للتزايد، لأن الولايات المتحدة تسعى لتعزيز علاقاتها مع شركائها الاقتصاديين الصاعدين في المنطقة، وللعمل على نحو متزايد، كموازن للقوى الأخرى المنافسة في المنطقة، وعلى وجه الخصوص الصين. ويتفق هذا مع ما قاله وزير الدفاع المغادر"ليون بانيتا"، وهو أن التحول الاستراتيجي الأميركي نحو آسيا، كان مدفوعاً بالاعتراف بحقيقة أن الأمن الأميركي في القرن الحادي والعشرين، "سيكون مرتبطاً بأمن ورخاء آسيا أكثر من ارتباطه بأي منطقة أخرى على ظهر الأرض". وسيفرض ذلك التوجه نحو آسيا- كما هو منتظر- مهام محددة على المؤسسة العسكرية الأميركية، منها نقل محور اعتمادها من الجيش وقوات المارينز (اللذين اعتمدت عليهما في الحروب التي خاضتها في العراق وأفغانستان) إلى القوات البحرية على أساس أنها السلاح الأكثر مناسبة لتنفيذ الاستراتيجية الجديدة مع التركيز على بناء حاملات طائرات إضافية. ويشمل ذلك أيضاً إنشاء قاعدة انطلاق عائمة متقدمة في المحيط الهادئ تستخدم في مهام مقاومة الجاسوسية، وتطهير الألغام، ومهام القوات الخاصة. ومن الخطوات الأخرى نشر ما يقرب من 2500 جندي في داروين بأستراليا على مدى السنوات القليلة القادمة، ليضافوا إلى 85 ألف جندي موجودين حالياً في اليابان وكوريا الجنوبية، (يقول بعض المحللين إن الإعلان عن نشر عدد مبدئي من الجنود الأميركيين في داروين يرسل رسالة للصين التي يعتبرها كثيرون الدولة المستهدفة بتغيير التوجه الاستراتيجي الأميركي نحو آسيا).
كما سعت الولايات المتحدة في الوقت نفسه، إلى القيام ببعض الجهود لطمأنة الصين على أساس أن الافتقار إلى الثقة الاستراتيجية، يقود عادة للشك بين الدولتين الكبيرتين، مع ما يمكن أن يترتب على ذلك من نتائج سلبية. في هذا الإطار خاطب "بانيتا" 300 عضو من أعضاء جيش التحرير الشعبي الصيني أثناء زيارة قام بها للصين مؤخراً قائلاً لهم:
"ستكون مسؤوليتكم هي المساعدة على دفع العلاقات الأميركية- الصينية قدماً للأمام".
ولكن الهدف الأساسي والشامل للولايات المتحدة، من وراء سياسة المحور الآسيوي، هو ألا تؤخذ على حين غرة جراء التطورات التي تحققها الصين في المجال العسكري، كما حدث على سبيل المثال مع منظومات الأسلحة التي ظهرت على مسرح العمليات في موعد أبكر بكثير مما قدره الخبراء العسكريون الأميركيون.
أنا ميلراين
محللة سياسية أميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»