السكري، وضغط الدم، من الأمراض المُعاصرة والتي استحدثت لها كيانات خاصة في جسد الإنسان، واستوطنت واستولت على الكثير من قدراته، وقضت على الكثير من حواسه الخمس· 29 في المئة من المواطنين مصابون بالسكري، هذا المرض العدواني الشرس، الذي يعمل في جسد الإنسان بطريقة الخلايا السرية، وبصمت المحترفين في صناعة الموت، هو لا يحدث ضجيجاً، ولا يفعل ما تفعله الأمراض الأخرى، من زمجرة، وآلام مبرحة بل يمضي في الجسد بهدوء العارفين كيف ينخر، ويمخر، ويسخر كل إمكانياته السحرية، في بث خلاياه المؤذية إلى أن يتمكن فيُعلن عن وجوده ويقول أنا موجود، هل من مبارز؟ والمؤسف أن الكثير من الناس، يتجنبون الفحوص الطبية، ويشعرون أن زيارة المستشفيات أشبه بزيارة السجون فينأون عنها، وهذه هي فرصة هذا المرض، الماكر، المخادع، المخاتل، يستغل جهل الناس بقيمة الفحوص الدورية فيظل يأكل في الجسد، يعيث فساداً، ودماراً، والمرضى ساهون متفائلون، لا يعيرون بعض الأعراض، التي تظهر على السطح أي اعتبار، أو انتباه مما يدفع هذا المرض اللعين، إلى التمادي وتنفيذ مخططه الجهنمي، في التدمير، والتخريب، وتحويل الإنسان المصاب، إلى كيان متهالك، واهن ضعيف، لا ينتبه، إلا بعد فوات الأوان، وبعد أن يكون العدو اللدود قد رعى في المرعى، وثغى وأرغى واستبد بالعشب، والخصب ولا حيلة للإنسان إلا أن يلجأ إلى الطبيب، طالباً الاستغاثة والمعونة، ولا يملك ذاك غير الوصفات المعتادة التي لا تسحق العدو، إلا أنها تحد من امتداده، وانتشاره، وتصاعد حدة، تهوره في الاحتلال والاستغلال البغيض لإنسان لا حول له ولا قوة، فقط لأنه غفل، فاستحق كل هذا التفشي الظالم· نقول هذا المرض خطير، ولا يرحم، ولا يعرف الشفقة، والعلم يجاهد منذ زمن طويل لايجاد ما يجتث جذور هذا المرض لكنه لم يتمكن حتى الآن، فاقتصر العلاج على الأدوية التي تخفف من وطء الاحتدام والتصاعد المميت، لذلك فإن العلاج المهم والأساسي يقع بين أيدي الناس، على الناس، أن يواجهوا هذا المرض بحزم، وصرامة، وأن يَعوا أهمية الفحوص الطبية، وضرورة المتابعة، وعدم الغفلة عن مكافحة الأعراض المدللة على وجود مرض شبيه بهذا المرض، إضافة إلى ذلك، فإن للأطعمة دوراً محورياً، في صناعة هذا المرض، وتربيته وتنشئته بالصورة التي يظهر فيها، لذلك فإن الطعام يجب أن يخضع لعناية، ورعاية تامة خاصة تلك الأطعمة المكتنزة بالدهون والتي صارت سمة من سمات الأكلات الجاهزة، ونحن والجاهز أحباء أصدقاء، رفقاء ولا ندري أن هذه الرفقة لم تعد رحيمة بل هي رجيمة من رجوم الشياطين· وللرياضة شأن آخر في مواجهة هذا المرض، إنها، الخلطة السحرية التي تذيب الدهون المتكدسة، في الجسد، وتحولها إلى مادة هاربة، من الجسد، عبر مسامات والتي تستقبلها كعرق بأملاحه ولزوجته· الرياضة هي في الحقيقة استراحة محارب بعد معارك طاحنة مع الطعام والذي يقدم عليه البعض كما يفعل الجياع الذين يخشون زوال النعمة· الرياضة مهمة، ولو اعترفنا بمسؤوليتها عن كثير من المزايا لأصبح العالم أكثر عافية، وذهب ''السكري'' بعيداً عن أجسادنا مهزوماً مكظوماً مكلوماً، والله يعين من لا يستطيع تقنين طعامه·