(الموت لا يأتي مع الشيخوخة بل بفعل النسيان” غارسيا ماركيز) بعد أكثر من ثمانين عاما، أعلن شقيق الكاتب العالمي غابرائيل جارسيا ماركيز، عن إصابته بالخرف، و قبلها بعدة سنوات انتشرت “رسالة وداع” لنفس الكاتب فيها من الإلهام والحكمة ما يجعل للنهاية طعم البداية. كان يرى الأشياء من خلال عدسة مكبرة، بينما الكثير منا يرى الحياة من زاوية ضيقة، تحدث عن الوقت في وقته الضائع، وتمنى لو أن الله يمد في عمره لينظر إليها بطريقة مختلفة ! و كان مما قال في رسالته: “هناك دوما يوم الغد، والحياة دائما تعطينا الفرصة لنفعل الأفضل، لكنني لو كنت مخطئا، وهذا يومي الأخير أحب أن أقول كم “أحبك” و أنني لن أنساك أبدا، و لأن غدا غير مضمون لأحد فربما يكون هذا اليوم هو المرة الأخيرة التي ترى فيها من تحبهم. فلا تنتظر أكثر، تصرف اليوم لأن الغد قد لا يأتي و لا بد أن تندم على اليوم الذي لم تجد فيه الوقت الكافي من أجل ابتسامة، أو عناق، أو قبلة أو حتى إرسال أمنية أخيرة لهم”. (“عندما تفقد عزيز.. تختلط عليك كل الأوراق..و تبقى تلك اللحظة الاخيرة في الذاكرة معلقة.. الناس يعيشون أوقاتهم و أنت أسير لحظة الفراق”). يقال عندما تضيق بك سبل الحياة وتقسو عليك، فهي في طريقها للانفراج تماما كحالة الولادة ! جدران تضيق، لتستقبل بعدها حياة جديدة وهكذا هي النهاية تحمل في أكمامها بداية مختلفة وطريق سالك جديد. في بعض المجموعات القصصية والروايات نجد عنوان النهايات! ولطالما تسائلت عند قرائتها هل هناك أكثر من نهاية؟ و لا زلت في طورالبحث عن إجابة ! عندما نتأمل في مشوار حياتنا تبدو لنا الأشياء الأن مختلفة تماما عن الماضي و مشاعرنا أيضا مختلفة، تعاملنا مع الفقد والحاجة وظننا المتشائم حينها أن الحياة توقفت عند مآسينا و أن الأبواب مغلقة علينا و على مشاكلنا و أننا الان وحدنا و سنبقى وحدنا! أعلم جيداً أن سيناريو نهايتك كان مقدمة لفيلم قادم جميل عن حياتك. (عندما تظن أنك تكتب النهاية، بقايا الحبر في يدك يخط البداية) لا نعلم أبدا ما يخبئه لنا القدر و لن نعلم أبداً. نتسلق بجهل جبال الوهم نظن أننا سنصل إلى قمة الحقيقة وما بين الصعود والسقوط تضيع اللحظات، كم هي متعبة مطاردة الأوهام! لكننا و نحن نتسلق طريقنا الخاطئ نسقط بلا مقدمات على الطريق الصحيح و هكذا دائما هي الحياة! نتفاجأ ببداية جميلة عندما نظن إنها النهاية الحزينة. يقول غارسيا ماركيز في رسالة الوداع: لو كنت أعرف أن هذه ستكون المرة الأخيرة التي أراك فيها نائماً، لكنت احتضنتك بقوة، ولطلبت من الله أن يجعلني حارساً لروحك و لو كنت أعرف أن هذه المرة الأخيرة التي أراك فيها تخرج من الباب لكنت أحتضنتك و قبلتك ثم ناديتك مرة أخرى لأحضنك وأقبلك! jamal.alshehhi@gmail.com