توقفت أمام عدد من الأخبار خلال اليومين الماضيين، عن أولئك الذين يصرّون على تحويل لحظات الفرح والاحتفال إلى مناسبة للإزعاج والإساءة للآخرين وتكدير الصفو والهدوء العام. وفي المقدمة من ذلك ما مارسه بعض الشباب في الأماكن العامة بكبريات مدن الدولة خلال احتفالات البلاد باليوم الوطني والمخلفات التي نجمت عنها.
في ذلك الجو الصاخب كان ذلك البعض يرش من يعرف ولا يعرف بالمواد الملونة، ويستعرض بمركبته بصورة خطرة ولا تتفق مع الاشتراطات التي حددتها دوائر الشرطة بالمناسبة. وتابعنا حنقاً تطور في بعض الأحيان لمشادات واشتباك بالأيدي من جراء تلك المشاهد بين شباب يصر على الرش والإزعاج وآخرين يرفضون هذا المسلك.
وبذلت الشرطة جهوداً كبيرة في كل مكان للتصدي للمخالفين والمزعجين، الذين كنت أفضّل أن تطبق عليهم عقوبات تنظيف وإزالة ما تسببوا فيه من فوضى ومخلفات، ليس هم فقط، بل وكل من جعل من مكان جميل خصص ليستمتع به الناس مكباً لمخلفاته. فأمثال هؤلاء يفتقدون الشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين ونحو المجتمع، وما تقوم به الجهات المختصة لجعل تلك الأماكن العامة جميلة نظيفة يستمتع بها وبما فيها من مرافق وخدمات، ويقضي فيها هو وغيره أوقاتا جميلة من دون مقابل. وكل ما هو مطلوب منهم تركها نظيفة كما أعدت لهم.
وقد كان موقف رجال الشرطة حازماً في التصدي لتلك المخالفات المتعلقة بمسيرات السيارات وطرق تزيينها، وإدارات مرورية كانت تحرص على تذكير المخالفين- كما في مناسبات سابقة- بأن المخالفة ليست مالية، ولكن تسجل النقاط السوداء المترتبة عليها. في تأكيد على نظرة وزارة الداخلية وإدارات الشرطة، بل إن الهدف من تحرير المخالفات لم يكن في يوم من الأيام تحقيق عائدات مالية، قدر ما يهدف لتقويم السلوك وترسيخ ممارسات الالتزام بالأنظمة واللوائح وتكريس ثقافة احترام القانون. والدليل أن عوائد المزادات التي تقيمها للأرقام الخاصة وغيرها يتم تحويلها لمراكز المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وبالذات أسرى الإصابات الناجمة عن الحوادث المرورية.
ومقابل تلك الصورة السلبية لتلك الفئة من الشباب المزعج وغير المكترث بالآخرين ولا بالنظافة العامة، شاهدنا شبابا جسدوا بتصرفاتهم الحميدة أن الفرح سلوك حضاري وانضباط. ولم يكتفوا فقط بالالتزام بالضوابط المحددة للاحتفال بالمناسبة، وإنما نظموا بعد انتهاء الاحتفالات حملة نظافة شارك فيها العشرات مع ممثلي الدوائر الرسمية والمدارس لجمع المخلفات من مناطق كالكورنيش والحدائق العامة، وكل مكان ترك فيه أثر الذين لا يرون في هذه المناسبات سوى أنها فرصة لإزعاج غيره، وتشويه جمال أمكنة بذلت الدولة والدوائر البلدية فيها جهوداً كبيرة لتكون جميلة بهذا المستوى من الجمال والنظافة، ومتنفساً من المساحات الخضراء المريحة يلجأ لها الجمهور. وبالأخص منطقة كورنيش أبوظبي التي تعد تحفة فنية وآية في الجمال والنظافة. وتحية لمركز إدارة النفايات بأبوظبي الذي حرص على تكريم الشركات التي قامت بتنفيذ أعمال النظافة خلال الاحتفالات وبعدها . فكل عامل من عمالها يستحق منا التقدير والتكريم. وأتمنى أن يستوعب الدرس المخالفين ممن حررت بحقهم مخالفات، بأن الاحتفال سلوك حضاري وانضباط أولاً وأخيراً.


ali.alamodi@admedia.ae