عديدة هي الملتقيات والندوات والمؤتمرات التي تعقد وتقام فيها المآدب، وتوزع فيها الهدايا، وتعلب فيها التوصيات التي لا ترى النور حتى يمر عليها الحول، فيتذكرها أصحابها إذا حالفهم الحظ بعقدها مرة ثانية.
في أبريل 2008، نظمت وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع الملتقى الأول للهوية الوطنية، تحدث فيه من تحدث، وطرحت العديد من التوصيات المهمة جداً، وصارت حبيسة الأدراج. وتوالت مبادرات الوزارة، وصولاً إلى اللقاء الثقافي الوطني الذي تواصلت دوراته حتى السابعة التي اختتمت الأربعاء الماضي. الشاهد في هذه الملتقيات، أن توصياتها تفتقر إلى تناغم أداء الجهات المسؤولة عنها حتى تصل لمرحلة التنفيذ، ويشعر “الخبراء” والمختصون بالارتياح لدخول توصياتهم طور التنفيذ، خاصة أنهم “تعبوا عليها” واجتهدوا لإعداد أوراق العمل بصورة علمية أثراها الحضور - كما يفترض به- بالملاحظات القيمة والعلمية أيضاً، خاصة أن هذه الملتقيات تبحث قضايا جوهرية تتعلق بحاضر الوطن، والمواطن ومستقبله، فهي من دون الاستفادة من خلاصتها وتوصياتها، تتحول إلى مجرد مناسبة اجتماعية للدردشة ولقاء أصدقاء قدامى في المهنة، وتبادل الهدايا والدروع التذكارية، وتكريم «الشركاء الاستراتيجيين»، كما يفضل أن يطلق عليهم، والتقاط الصور التذكارية لمثل هذه المناسبات التي تحولت إلى مناجم ذهب لشركات العلاقات العامة التي باتت تتفنن في إخراجها، بما يتناسب وحجم الجهة المنظمة ومتطلباتها، كي يخرج ملتقاها الاستراتيجي بالطريقة التي تناسب «استراتيجيتها» من التنظيم والغايات المرجوة منها.
وعلى امتداد الملتقيات التي تابعت خلال الفترة القليلة الماضية، لا حظت مواكبة العديد منها للغة وأدوات العصر، بالتركيز على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت تلك الجهات تنظر إليها على أنها بوابات تنفذ منها «الأفكار الهدامة» والسلوكيات المنحرفة ذات التأثيرات السلبية على الأسرة وأفرادها، ولكن أياً من الجهات الرسمية لم يكن لها دور فعلي في التصدي إلى تلك البوابات، وبالذات فيما يتعلق بأثر «المتغيرات الاجتماعية للاستفادة من الجوانب الإيجابية منها وتفادي السلبي»، بحسب البيان الصحفي حول الملتقى الأخير الذي وزعته شركة العلاقات العامة المسند إليها إعداد وتوزيع بيانات وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، وحتى نكون أكثر تحديداً، فقد تعرضت الإمارات مؤخراً لحملة ظالمة من قبل دوائر تصنف نفسها أنها تدافع عن حقوق الإنسان والحريات، وكذلك من دوائر تتخفى تحت اسم الإسلام، ولم نجد أياً من الجهات الرسمية أو المحذرين فيها من مواقع التواصل الاجتماعي وقد تحركوا للتصدي للحملة الجائرة، بينما قام شباب بمبادرات شخصية وإمكانات متواضعة، ومن خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقعهم الإلكترونية، بالتصدي إلى المتحاملين على بلادهم، وفضحهم وتعريتهم، كما في مهزلتي جنيف الأولى والثانية، بينما اكتفت جهات رسمية ومواقعها بالفرجة، لأنها تفتقر للمبادرة، وتتعامل مع الأمور كما لو أنها تؤخذ على حين غرة، بل نجدها تترك الساحة خالية للمتطاولين على الإمارات وقيادتها في إذاعات وفضائيات أجنبية، لولا ثلة من المثقفين والكتاب والأكاديميين الإماراتيين.
على هذه الجهات الخروج من حالة التحذيرات والتوصيات من الإعلام الجديد و”مواقع التواصل”، إلى دائرة المقارعة والتصدي إلى كل ما يدور في المدونات وتلك المواقع، بالحجج والمعلومات في وجه كل من يحاول النيل من الإمارات وشعبها وسيادتها.


ali.alamodi@admedia.ae