تابعت بكل تقدير الحملة الترويجية الكبيرة لهيئة المساهمات المجتمعية «معا»، التابعة لدائرة تنمية المجتمع في أبوظبي، وهي تدعو رواد الأعمال الاجتماعيين إلى «تطوير أفكارهم المبتكرة لتصبح مؤسسة اجتماعية أو منشأة أهلية» في مبادرة انبثقت عن الاستفتاء النوعي والمهم الذي أجرته الدائرة لتحسين جودة الحياة في الإمارة، وتعرض عليهم «التمويل وشبكة العلاقات ومساحات العمل والاستشارة والتوجيه اللازم في مبادرتها لتنمية الأفكار المبتكرة لمساعدة الأفراد في تعزيز وتحسين صحتهم النفسية».
وقد كان أمس اليوم الأخير لتقديم الطلبات الخاصة بهذه المبادرة الاجتماعية النوعية التي أُعلن عنها لتبني أية فكرة أو ابتكار لمساعدة «من يعانون تحديات في الصحة النفسية».
لا زال البعض في مجتمعنا يتحرج بالحديث في مسائل وقضايا الصحة النفسية التي تتعاظم أهميتها مع الوتائر المتسارعة وضغوطات الحياة التي لم تعد مقتصرة على الوالدين، بل وحتى على النشء الذين وجدوا أنفسهم في عصر مختلف تماما عما كانت عليه حياة الآباء والأجداد الذين كانوا يتعاملون بفطرة الحياة وبساطة ذلك الزمن البسيط مع ما نسميه اليوم «تحديات نفسية»، حيث كانت تحال الأمور إلى «المطوع».
اليوم دخلت عناصر عدة في تشكيل النشء بدءاً من المنزل والمدرسة مروراً بالأصدقاء، الصالح منهم والطالح وانتهاءً بأخطر عنصر ونعني الهواتف الذكية ومواقع التواصل التي تفتح عيون الصغار والمراهقين على عوالم مفتوحة وغير مسبوقة، وبدورها تعج هذه المواقع بالغث منها والسمين.
واقع أثر بصورة أو أخرى على الصحة النفسية لشرائح واسعة من الناس كبيرهم وصغيرهم، وبالأخص المراهقين والشباب، وصاحب ذلك متاجرون بالمعاناة المتولدة جراء واقع الحياة، وفي مقدمة أولئك المتاجرين بعض الأطباء النفسيين الذين لا يقل دورهم السلبي عن «رفاق السوء» ممن يزينون للمترددين عليهم استخدام الحبوب والعقاقير المهدئة التي تسبب أنواع منها دفعهم لطريق الإدمان والبحث بعد ذلك عما هو أقوى تأثيراً ومفعولًا. بل هناك فئة من «الأطباء النفسيين» يجتهدون للتحايل على اللوائح الرسمية المنظمة لصرف «العقاقير المقيدة» لرفع رصيدهم الشخصي بين المتعاملين معهم باعتبارهم «مُخلصين» لمعاناتهم، بينما هم يزيدونها تعقيداً وألماً.

نتمنى أن نسمع قريباً من هيئة المساهمات المجتمعية نتائج الحملة حتى نكون «معا» في تحسين الصحة النفسية للفئات المحتاجة وتحقيق الجودة المنشودة للحياة.