الإطلاعات الخاصة خارج موضوع المناهج المُقررة في أي مرحلة علمية، وغيرها؛ المُصاحبةُ لمواضيع المواد التي تُدرَّس، تُنقذ طالب علمِ من أي خطأ تدريسي، فليس كل المُعلمين، أكفاء، وليس كل منهج يتناسب وطبيعة تفكير الفرد منفصلاً عما عداه من المفروض عليه. ناهيك عن أن هذه الخَصلة إن تَمَّت وأصبحت عادة، فإنها من الدواعي اللازمة لإكمال شروط العملية التعليمية، فهي حقيقة تُنّمِّي الحس البحثي، وتصنع من شخص الدارس مُناقِشاً جيداً لنظامه الذاتي، كما للنظام المحيط به، وهذا ما يُمكن أن يُطلق عليه؛ فصل تعليمي دائم ومفتوح منذ لحظة الولادة وحتى الموت. نتكلم هنا عن وجوب إصلاح هذه النقطة، التي هي ضرورة بَث وغرس قيمة القراءة، بكل ما تعنيه اجرائياً، سواء أكانت قراءة لكتب، أم وقائع، أم استشرافات مستقبلية مبنية على قاعدة الضرورة المُلزمة لكون الإنسان ابن ما يشتهي وما يحلم وما يحضن. ومن هنا، فهذا الأمر هو قضية سياسية بجدارة، ومثلها مثل الاهتمام بالصحة بيولوجياً ونفسياً، والبيئة جغرافياً، والأخلاق فلسفياً، واللغة فقهاً لتطوير دلالات أفقنا الحسي والشعوري. نتكلم هنا عن جعل الحياة أقل هدراً وضرراً، وأن يكون الإصلاح السياسي/ الاجتماعي الدائم معنى خاضعاً لغريزة الحياة، لا صراعاً على أولويات عفى الزمن تاريخياُ عليها. ليس هذا الكلام؛ لا في ظاهره ولا باطنه يشير من قريب ولا بعيد إلى نموذج المدن الفاضلة في شيء، بالقدر الذي يؤكد به أن ثقافة القراءة بناء لوجود، قبل أن تكون علاجاً لمرض. لذلك فإن تخصيص عام كامل وبشكل مبدئي، بتضافر جهود جميع المؤسسات من علمية بحثية وإعلامية، ومؤسسات اتخاذ قرار، للإقرار المنهجي للقراءة كمادة تعليمية أساسية بدرجات، كما حث أطراف المجتمع ككل على فهم ذلك، فالحكايات التي تُحكى للطفل مثلاً هي أول سلم الشغف والاطلاع على اللغة، وحَث التخيّيل الفكري لدى أجهزتنا المادية والروحية لإنهاض حلاوة الوجود فينا. ما نعانيه من نقص «مراكز البحث» كمفهوم وكثقافة يبدأ منذ الصِغر، مُقللاً من استقلالية التفكير الإبداعي لدينا، وليس مصطلح «مركز بحثي» سوى إشارة وتعريف لوجوب حس المغامرة. ذلك هو القصد من كون «القراءة»: عين وَصْفِ لشكلْ، ومنضدة تشريحٍ لهدفْ، واستجلاب قلب لقلبْ، وملاذ كأسٍ لمدمن على الحياة. وإلى هنا: «انتهى حلمي وأردت أن أستيقظ، لكني وأنا مُغْمِضاً عينيّ، وجدت شخصاً، وكان لعبة، وكنت أنا لعبة معه، كنا نحن الاثنان متشابهان، فجاءت الشمس كي أستيقظ، لكنه رفض وأغلقَ الستائر ورسمَ قمراً، فلم أستطع الاستيقاظ، لكني حاولت حتى نجحت، واستيقظت وأنا مُتعب». eachpattern@hotmail.com