نبقى مع المبدع الإماراتي الغائب عن الساحة الإماراتية، عن ساحة الأدب والفن والصحافة ومنصات التتويج ومنابر الندوات والمحاضرات و... غير ذلك من الفعاليات التي تستدعي وتتطلب وجوده، وعندما نتحدث عن الغياب هنا فإننا لا ننكر وجوده بالمطلق، لكننا ننكر تواجده الخجول، والذي لا يتناسب مع عدد المبدعين وتاريخ بعضهم الذي يمتد لأكثر من ربع قرن، وهنا فإننا لا نلقي باللوم على جهة دون أخرى ولا نبرئ المثقف من حالة الاستسلام والانسحاب دون أي تحرك لتغيير الواقع. إننا نشير الى ظاهرة يتم الحديث عنها همسا في أوساط المثقفين، في حين يفترض أن تناقـش علناً لأنها من الظواهر السلبية جداً والتي لا تصب في سياق التمكين والمشاركة وتشـجيع المبدعين وإعلاء شأنهم كما يفترض أن يكون لهذه الظاهرة اسبابها الظاهرة والمعروفة كما أن لها اسبابها الخفية، وفي كل الاحوال فإن المثقف الإماراتي ليس بعيداً عن كل هذه الأسباب، انه مستهدف بهذا التجاهل والتجاوز، وهو معني في المقام الأول - وقبل غيره من الأطراف - بالدفاع عن حقوقه ودوره وظهوره على منصات الحوار والمناقشة والتتويج في كل المناسبات والجوائز وحفلات التكريم!! إن عملية التجاهل والتغييب لدور المبدع ووجوده لا تتم بصورة مقصودة أحيانا، وان كان التعمد موجوداً في بعض الأحيان، ويأتي هذا التغييب لدوره نتيجة لإسناد أغلب المؤسسات الثقافية والاجتماعية أنشطتها ومناسباتها لشركات علاقات عامة ودعاية وإعلان تحاول أن تستقطب لهذه الأنشطة أسماء وشخصيات معتمدة، إما على علاقاتها الشخصية مع هذه الأسماء أو على استمزاج الآراء حولها أو نتيجة خلطة مصالح وارتباطات متشابكة تقرب هذا وتستبعد ذاك، وتقدم فلانا وتغيب آخر دون سبب منطقي واضح سوى ما ذكرناه، ما جعل الامر خارجاً عن كل سياق منطقي!! بناء على كل ذلك فإن ظاهرة تراجع الإبداع الإمارتي في مجالات الفن والأدب والصحافة وفنون أخرى كثيرة، بالتوازي مع ظاهرة تراجع دور المبدع تحتاج إلى وقفة مراجعة شاملة للاسباب والنتائج، كما تحتاج إلى نقاش صريح وبصوت عال للبحث عن مخارج عملية تخدم مسيرة الإبداع في الإمارات أولاً كما تعيد إحياء الروح الإبداعية الخلاقة والمتوهجة لدى شباب الإمارات كما كانت عليه الحال خلال سنوات الثمانينيات!! إن تراجع دور المبدع الإماراتي (الأديب والشاعر والقاص والكاتب والرسام والناشط الاجتماعي و...) قد ألقى بظلاله على صعيد الحوارات الوطنية أولا، وعلى صعيد التفاعل مع القضايا الوطنية والقومية ثانياً، كما على صعيد العلاقة بين المثقفين الإماراتيين أنفسهم وعلى مستوى حراكهم وحماسهم الاجتماعي الذي كان يشكل ظاهرة واضحة خلال سنوات سابقة عرفت بزخمها وتفاعل المثقفين فيها وبروز كل هذا التفاعل على صفحات الجرايد المحلية التي تكاد تخلو هذه الأيام من هذا التحرك الاجتماعي الثقافي ذو الصبغة الأهلية، حيث انحسرت الانشطة في مجملها لصالح القطاع الرسمي والحكومي ما قاد لوجود وجهة نظر واحدة تتسم بالرسمية والحيادية بشكل واضح أولاً وبشكل لا يخدم آفاق الحرية والابداع ثانياً. ayya-222@hotmail.com