تابع أولياء الأمور وغيرهم من المعنيين بأمور التربية والتعليم باهتمام وارتياح تطورات قضية ذلك المعلم الأوروبي الذي نشرت “ الاتحاد” قصته بعد أن أنهى مجلس أبوظبي للتعليم خدماته عقب أن خلصت التحقيقات التي أجراها إلى “ خروجه على منظومة القيم التربوية التي حددها المجلس لجميع العاملين فيه”، و”إساءاته للإسلام والقيم المجتمعية”.
وكانت التحقيقات الإدارية مع المدرس الذي استعان المجلس بخدماته ضمن مشروع “ اللغة الأم” أو “ النتيف سبيكرز” لتدريس اللغة الإنجليزية قد كشفت خوضه حوارات مع طلاب الثانوية العامة الذين يدرسهم لا ترتبط بمادة تخصصه، وبدرت منه ألفاظ تسيء إلى العقيدة الإسلامية، حيث صور الطواف حول الكعبة بأنه نموذج لعبادة الأصنام، كما صدرت منه ألفاظ أخرى لبعض الطلبة وصفهم فيها بـ”الإرهابيين” بالإضافة إلى أوصاف أخرى تخرج عن دائرة القيم والأخلاق الحميدة، بحسب الخبر المنشور.
ونحن هنا نحيي الموقف الحازم لمجلس أبوظبي للتعليم، والذي أكد معه معالي مغير الخييلي مدير عام المجلس أن لا حصانة لأحد مهما كان، وأن القانون خط أحمر لا يمكن تجاوزه بعيداً عن أي انتماء عرقي أو ديني أو قومي.
كما نحيي الشفافية العالية التي تعامل بها المجلس مع هذه القضية، بخلاف ما تقوم به بعض الجهات التي تتستر على ما يجري داخل المؤسسات التي تتبع لها، الأمر الذي يترتب عليه مضي هؤلاء في ممارساتهم التي تتعارض مع القانون أو اللوائح ونظم العمل وطرق خدمة الجمهور. كما أن هذا الموقف الحازم والسريع للمجلس يفوت الفرصة على منتقدي التجربة التعليمية الجديدة التي يقودها ممن يحاولون استغلال مثل هذه الحالات للنيل من جهود تطوير التعليم في أبوظبي، وما زلنا نتذكر الضجة التي أحاطوا بها قضية وصلة “الرقص” في إحدى مدارس الغد بحضور المدرس الأجنبي رغم أنها لم تكن ضمن مناطق اختصاص المجلس.
وهذا الموقف الذي جرى في مدرسة من مدارس المجلس في أبوظبي يعد مثالا لما يتمتع به أبناؤنا من حس وغيرة عالية على العقيدة والهوية والجرأة في إبلاغ المسؤولين ضد أي من يحاول النيل أو المس بعقيدتهم ورموز ومقومات هويتهم.
ما بدر من ذلك المدرس يعبر عن جهل فاضح بطبيعة مجتمع قدم للعمل فيه، وجهل مطبق بنهج تقوم عليه الدولة والمنظومة التربوية التي يعتمدها المجلس الذي تعاقد للعمل معه، وفي مقدمتها احترام الأديان والقوميات والأجناس وهو امتداد لنهج أصبحت معه الإمارات مضرب المثل ونموذجا للتسامح والتعايش السلمي والحضاري.
كما أن ما جرى يكشف الحاجة إلى تكثيف البرنامج الإرشادي الذي ينظمه مجلس أبوظبي للتعليم عند تعاقده مع معلمين سواء ضمن تجربة “ نتيف سبيكرز” أو غيرها. إذ ينظم لهم المجلس برنامجاً إرشادياً ثقافياً واجتماعياً ومهنيا حول القيم والتقاليد والمعتقدات السائدة في المجتمع وطرق التعامل اليومي معها.
وتحمل هذه الواقعة المجلس مسؤولية مضاعفة للتدقيق في نوعية الأشخاص الذين يتعاقد معهم لتعليم أبنائنا والتأثير في عقولهم وهم في مراحل سنية حرجة، وبالأخص عندما يتعلق الأمر بقضايا الدين والهوية الوطنية والتي تحتل أولوية وأهمية خاصة في جهود بناء أجيال الغد.

ali.alamodi@admedia.ae