جميل أن تكون إيجابياً في نظرتك لظروف الحياة وللناس والأحداث المستجدة والأحوال المتقلبة، وتفترض دوماً حسن النوايا والنهايات المفرحة على الرغم من وعورة الطريق، جميل أن تمتلئ بالأمل رغم كل المؤشرات الدافعة لليأس، لكن في هذا الاندفاع نحو تبني الإيجابية كمنهاج حياة يسيء البعض فهم مفهوم الإيجابية. يتصورون أن معنى أن تكون إيجابياً أي أن تكون خاملاً لا فاعلاً، فيغدو الفرد الصامت الراضي الخانع الموافق طوال الخط وعلى كل وضع هو الشخص الإيجابي، ويصبح من يشير لمكامن الخلل وينادي بالتغيير والتطوير إنساناً سلبياً يجب إقصاؤه. يصبح «الإيجابيون» شلّة يعرفون بعضهم، فكلهم صامتون مبتسمون طوال الوقت حتى تكاد ملامح وجوههم أن تتشابه، يظنون بذلك أنهم حققوا المبتغى ونالوا الحظوة. لا يدركون أن معنى الإيجابية هي في أن تكون إنساناً فاعلاً لا سلبياً؛ أي أن تكون إيجابياً في إيمانك بقدرتك على إحداث التغيير. إيجابياً في إيمانك بنفسك كفرد يمتلك فكراً ورأياً وإحساساً وتعاطفاً وانتباهاً واهتماماً؛ فلكي تُحدث التغيير عليك أن تكون واعياً لنقاط الضعف، مدركاً لمواضع النقص، وإلا كيف يمكن أن تردم الحفر إن ادّعيت أن الطريق سالك بلا نواقص، ستنتهي وقد انقلبت بك المركبة وأنت راسم على شفتيك ابتسامة الإيجابية العمياء. ابتسامة الإيجابية ليست هدفاً في حد ذاتها، إنها نتيجة. نتيجة لعمل دؤوب وجهد بذلته على مدار أيّام وشهور وسنين لتحسين وضع وإحداث عمل جيد ترك أثره الطيب على نفوس من تلقّوه وانتفعوا به فابتسمت امتناناً وفرحاً لنجاحك. القول بالكمال ليس اكتمالاً ، لكن إدراك النقص أولى الخطوات في طريق الاكتمال.. الذي لن تصل إليه يوماً، وإدراكك لذلك ليس انهزامية وسلبية، ولكن الدافع والوقود يجعلانك تستمر في السعي كي تبلغ من الطريق أجمله. الإيجابية هي في إيمانك أنك قادر وأنك تستطيع. حين كتب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، كتابه الأخير حول الإيجابية، لم يكتبه من النظريات الجافة والأحلام المؤجلة والتفرج على إنجازات الآخرين، كتبه بعد أن أنجز بناء مدينة هي واحدة من أهم مدن العالم اليوم، وهكذا وبعد إنجازه المستمر الذي بذل فيه الجهد والعرق والوقت وَسَخَّر في سبيله العُمر والموارد، ابتسم بإيجابية.