بذلك الخط الرفيع الذي يظهر من القمر، تبدأ أمانينا بأيام مختلفة مباركة، تتسارع فيها خطواتنا دون أن تلامس أقدامنا الأرض، محلقين عالياً بحثاً عن روحانيات بعيدة عن ضيق المكان. مع الهلال تضيء منازلنا ببركة الشهر الكريم، وتتسع أرواحنا لحيز أكبر من النقاء والتسامح، حيز يعكس بريق القمر وصفاء الأفق. لا تأتي الأشياء جميلة دون أن نستقبلها بقلوب جميلة وليس العكس؛ فالحقيقة في الأمر أن محصلة الجمال حولنا هي امتداد لجمال داخلي نابع أساسه من كل شخص، ومن لا يدرك ذلك سيكون غير قادر على استقبال الجمال من حوله؛ هذا ما يفعله شهر رمضان بالناس، فتلك الطاقة الروحانية للناس التي تحمل وصايا ربانية بالتسامح والصبر والنقاء ناحية الآخرين تتحول في حال تفعيلها إلى كتلة لا يمكن أن يتجاوزها الجمال. يأتي الشهر فرصة لا تعوض في مراقبة النفس واكتشافها، والبحث عن إجابات من داخلنا لأسئلة خاصة جدا لا يحق لأحد أن يعرف إجابتها، مثل: كيف نرى الأشياء؟ لماذا لا نراها بطريقة أجمل؟ هل من الأجدر بنا أن نترك تلك المساحات الشاسعة من الضيق والحزن وكره الآخرين مسيطرة على قلوبنا؟ كيف نتجاوز القبح؟ كيف نحجز مساحات أكثر نقاء في أنفسنا للمستقبل؟ أسئلة يجب أن نتعامل معها بأمانة وحيادية، لكي تكون في الإجابة عليها فرصة للتغيير. تعجبني فكرة أن دلالة الفانوس في شهر رمضان جاءت ليكون لكل منا فرصة لرؤية نفسه فقط عبر ضوئه الخافت، فضوء الفانوس لن يسمح لنا برؤية الآخرين، سيكون على كل فرد مراقبة ذاته فقط؛ فليرفع كل منا فانوسه ويراقب نفسه بحثا عن حيز أكثر نقاء وقلب مضيء يجلب الجمال؛ وكل عام وانتم أكثر نقاء وطيبة. als.almenhaly@dmedia.ae