تماماً كما توقعنا، أن العاشقين للمسرح سوف يأتون من كل مكان، إنه الحضور الاختياري الذي ينبع من روح المحب، لا تهم المسافات ولا الطرق المزدحمة. يصبح الطريق سالكاً والزحام على الطرقات محفزاً على الحضور، وكأن هذه الفترة التي تشتد فيها عادة الضجيج ويزدحم الطريق، خاصة للقاصدين مدينة الشارقة من الشوارع الداخلية أو من مدن دبي وأبوظبي والعين، فترة لا يرغب الكثير في التوجه إلى مدينة الشارقة للازدحام الشديد وتعب العبور إلى هناك، حيث تظل أكثر من ساعة معلقاً في الشوارع والطرقات. ولكن على الرغم من ذلك، فإن أعداداً كبيرة تحضر أنشطة مهرجان أيام الشارقة المسرحية، وقد شاهدنا أن القاعة مزدحمة، بل إن البعض لا يجد مقعداً واحداً، وقد احتل البعض الآخر درج السلالم، هؤلاء المحبون لفن المسرح ولأيام الشارقة المسرحية، يأتون بفرح كبير وبعشق لهذا الفن الرفيع. تأتي إلى المسرح والعرض، دون أن تعرف مستوى العمل الذي سوف يقدم، ولا قوة النص أو مقدرة الممثلين على أن يقدموا عملاً جيداً، ولكن ما يدعوك إلى الحضور هو الفن المسرحي وحده، خشبة المسرح وحدها، وليعتليها من يشأ، فوحدها المشاهدة وبعد نهاية ما تم تقديمه يمكن أن يكون جيداً أو رديئاً، لا يهم ذلك. لا يهم محب المسرح خذلانه من النص أو الممثل أو إدارة العمل برمته من إخراج إلى إضاءة أو ديكور، ولكن يمضي العرض وينتهي، ثم تعاود الحضور، لأنك جئت أصلاً لخشبة المسرح، حيث تظل محفزة ومنادية إلى أعمال أخرى قد تكون أجمل وأجود. أبداً لا أحد يتحسر ويهجر المسرح لأن عرضاً رديئاً قدم اليوم، فالأمل منصوب أمامك دائماً أن الجميل والجيد سوف يأتيان غداً أو في المستقبل، لذلك يستمر حب المسرح، قد يسقط الممثل أو النص أو حتى كل الأعمال المقدمة، ولكن تظل شمعة المسرح متقدة ومنادية للضوء والجديد في قادم الأيام. بالأمس كانت فرحتي عظيمة، لأنني شاهدت عملاً مسرحياً، لا يهمني ماذا قدم أو كيف قدم أو حتى مستوى العمل، كان المهم عندي أن عجلة المسرح تدور وتأتي بالعاشقين والمحبين لهذا الفن، وأيضاً تأتي بالأصدقاء المشاهدين والمتابعين لهذا المسرح، والأهم أيضاً أنني التقيت بعض الأصدقاء الذين يغيبون عاماً كاملاً، وحده المسرح يأتي بهم من مناطقهم القريبة والبعيدة، هذا الفرح الذي نشاهده عند كل الحضور وهذه الابتسامات الرائعة، هما الأمل الجميل بأن شيئاً واحداً يجمع هذا الحضور، أنه المسرح وحبه المتقد في صدورهم، ليس بالضرورة أن تكون إنساناً مسرحياً ولكن يكفي أن تكون مشجعاً ومحباً لهذا الفن. كم هي جميلة وبهيجة أيام الشارقة المسرحية، كم هي دافعة بهذا الفن إلى النمو والتقدم التطور من دورة إلى أخرى. Ibrahim_Mubarak@hotmail.com