لم يكد يمضي يوم أو أكثر على واقعة عمال شركة المقاولات أياها التي شغلت بعض وسائل الإعلام محلياً وعالمياً إلا وحذت شركات أخرى حذوها، وصارت أخبار العمال قوم كوتي وبابو وسردار تغزو صفحات الصحف بدءا من الصفحة الأولى وحتى الصفحة الأخيرة، ونافس هؤلاء في استحواذهم على المساحات التحريرية للصحف الأمورة نانسي عجرم·
يبدو أن مخرجا سينمائياً اتفق مع بعض هؤلاء العمال بل ودربهم على تقنيات اللوك أو الطلة الجديدة التي يجب أن يكون عليها كل منهم واعتقد - غير جازم - ان التدريب تم على نطاق واسع ووفق أسلوب علمي يستهدف في المقام الأول هز كل المشاعر الانسانية بل ويحطم قلب مؤلف رواية البؤساء فهؤلاء العمال الذين غزت صورهم الصحف وهم يفترشون الأرض ويحمل كل منهم طناً من العرق ويجلس القرفصاء على قارعة الطريق وتحت لهيب الشمس يقدمون صورة مدروسة للتأثير في العين والقلب والعقل وهز كل خلجات البدن دون أن ينبث أي منهم بكلمة واحدة·
ويبدو أن مخرج هؤلاء ليس من مخرجي سينما اليوم بل هو من المخرجين الأوائل الذين كان يطلق الواحد منهم اللقطة الأولى في الفيلم في اليوم الأول من يناير ولا ينطق بكلمة النهاية الا بعد الدخول في يناير الذي يليه بعد عام وقد نجح مخرج صور هؤلاء العمال في الاستحواذ على كل خلجات المشاهدين من أمثالي الذين رق حالهم وانفطر قلبهم وهم يتابعون صور هؤلاء البؤساء الذين يرتدون تي شيرتات ممزقة أكل عليها الدهر وشرب الوانها كالحة، وكأن الرسالة المقصود ايصالها للآخر هي أن هؤلاء البؤساء الفقراء الذين لا يملك الواحد منهم ثمنا لشراء تي شيرت جديد لم يحصلوا على معاشاتهم منذ شهور·
دلالات كثيرة في الصورة التي يقدمها هؤلاء العمال بمناظرهم البائسة والتي تشبه صور أفلام المهمشين في السينما العالمية، ولعل الصورة التي نشرتها بعض وكالات الأنباء العالمية عن هؤلاء منذ أيام ليست في حاجة إلى تعليق بل في حاجة إلى تدخل عاجل يحفظ صورة الدولة التي رسمت بالجهد والعرق على مدى عقود من الزمن وتأتي اليوم بعض الشركات المستهترة أو المتعثرة ادارياً أو مالياً لتضرب بكل أبعاد هذه الصورة عرض الحائط·
ومن نماذج الصور التي تسوقها وكالة أنباء عالمية تلك الصورة التي التقطها مصور لعشرات العمال الآسيويين أسفل مدخل ناطحة سحاب تحت الإنشاء في مدينة دبي للإعلام، وتضمنت تعليقاً يقول: مئات العمال الآسيويين المشاركين في بناء رفاهية هذه الإمارة الخليجية يضربون عن العمل بسبب عدم حصولهم على رواتبهم منذ شهور، وقد أظهرت مأساة هؤلاء معاناة العمال في منطقة الخليج الغنية بالنفط·
هذه ترجمة حرفية للتعليق الذي اتسم بصبغة سياسية والذي وضعته وكالة الأنباء هذه تحت صورة العمال التي يعلوها برج من ناطحات السحاب في مدينة دبي للإعلام، وغداً نواصل·