من يتابع أخبار الشرطة يلاحظ مقدار الجهد الكبير الذي تبذله لاستعادة حقوق أشخاص كان يمكنهم حماية ممتلكاتهم، بحد أدنى من الوعي الأمني والحرص من جانبهم· وبهذا الجهد الذي تقوم به قلبت الشرطة المقولة الشائعة أن القانون لا يحمي المغفلين، وأثبتت بما تقوم به بأنه يحمي حتى المغفلين أو الغافلين· كثير منا لا يريد استيعاب حقيقة أن الزمن غير الزمن، وأن المنافذ والمطارات قد ألقت إلينا بأشخاص من مشارب ونحل مختلفة، جاءوا خصيصا تحت مزاعم شتى من أجل ممارسة أنشطة امتهنوها من سرقة بالحيلة أو الإكراه، ونصب واحتيال يستوجب من الجميع يقظة وحذر كبيرين· ومن دلائل ذلك ما تسمع عن الذين يسحبون مبالغ كبيرة من حساباتهم ويضعونها في السيارات، من دون أن يلحظوا عيون الإجرام التي ترصدهم، وتستدرجهم بكل بساطة يتبخر إثرها ما سحبوا في غمضة عين، فيهرعون إلى أقرب مركز للشرطة لتبدأ رحلة البحث عن المفقود، رغم إنهم كانوا في غنى عن كل ذلك، والتسهيلات المصرفية تتيح لهم التحويل من حساب إلى حساب قبل أن يرتد طرف أي منهم إليه، وهو قرير آمن· وهناك نوعية تستكثر الرسم الذي يتقاضاه المصرف عن التحويل فيخاطر ويغامر ليخسر الكثير عندما ينجح المتربصون بأمثاله في سلبه بالحيلة ما كان قد سحب من أموال، وبطريقة بسيطة للغاية لا تخطر له على بال· وقد رأينا أن غالبية هؤلاء كرروا سيناريو ''بنشر'' الإطار مع أكثر من واحد· وكأن لا أحد منهم يقرأ الصحف أو يتابع ما يذكر في وسائل الإعلام، وبكل اللغات· وهناك ما يتم توقيفه بحجه انه اصطدم بسيارة المحتال الذي يزعم أحيانا بأن تعرض لصدم من جانب ضحيته، كل هذا من اجل أن يخرجه من سيارته· وتنطلي الحيلة على كثيرين أيضا ممن يخرجون مسرعين من السيارة، بينما شريك المحتال يفتح الباب الآخر ليفر بالحقيبة وما حوت أو بالظرف المكتنز· وما أن يعود الضحية إلى سيارته حتى يكتشف السرعة التي وقع بها ضحية محترفي السرعة بالحيلة· وقبل حيلة ''البنشر'' انتشرت لبعض الوقت حيلة ذلك الذي يطلب من ساحب المال في البنك أن يريه بعض الأوراق النقدية لأنه غريب عن البلاد ويريد أن يتعرف على عملاتها، فيقوم الضحية بكل حسن نية بتسليمه الأوراق النقدية التي تختفي بعضها بخفة يد محتال متمرس، يعيدها ويختفي في لمح البصر، ليكتشف صاحبنا اختفاء بعض ''النوط الزرق''· ولا زلت أتذكر فندقا أقمت فيه في مدينة فيلادلفيا الأميركية رفض أن أسدد فواتيري نقدا، وأصر على أدائها ببطاقة الائتمان، واعتذر موظف الاستقبال بكل تهذيب بأن ذلك فيه كل الأمان لكلا الطرفين· أما عن أولئك الذين يتساقطون في شباك محتالي الانترنت والاتصالات الهاتفية والمحافظ الوهمية فالقصص تطول، والمسلسل حلقاته مفتوحة، وتكاد أقسام الشرطة تسجل يوميا حوادث وقضايا من هذا النوع· ومرة أخرى نقول ألا يتعظ هؤلاء الناس ويسمعون أو يقرأون ما يجري· وكأنما وسائل الإعلام تورد لهم قصصا وحوادث تجري في المريخ، وهم لا يعون لها أو يبدون أنهم قد استوعبوا ما يجري· إن أبسط طريقة للتفاعل مع جهود الشرطة في هذا المجال ، قدر من الحيطة والحذر تغني الجميع عن ''صدعة الرأس''، وتقطع الطريق على المحتالين والنصابين ومن على شاكلتهم·