اعتمدت اللجنة التنفيذية في أبوظبي خلال اجتماعها الأربعاء الماضي برئاسة سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، ضمن ما اعتمدت مشاريع لدائرة النقل لإنشاء حارات مخصصة للنقل الجماعي، وستبدأ المرحلة الأولى منها على شارعي زايد الأول وحمدان في العاصمة.
إن هذه المبادرة والخطوة الحضارية تجيء في إطار الجهود المتواصلة للدائرة للارتقاء بقطاع النقل العام وتشجيع استخدام وسائطه لتخفيف الازدحام والتكدس المروري الذي تعاني منه طرقات مدينة أبوظبي.
ووجود مثل هذه الحارات الخاصة بسير حافلات النقل العام أمر متبع في العديد من العواصم العالمية التي تتمتع شبكات النقل العام فيها بكفاءة عالية، تُغني المرء عن استخدام سيارته الخاصة أو سيارة الأجرة للوصول إلى مقصده في مختلف أنحاء المدينة. وقد حمى انسيابية الحركة على تلك الحارات الخاصة بمسار الحافلات وعي الجمهور في المقام الأول بأهمية مثل هذه الخطوة، فلا تجد سائقاً تسول له نفسه استخدام تلك الحارات، بينما نجد عندنا البعض ممن يستخفون بغيرهم من الواقفين ضمن طابور السيارات المتوقفة ليقفز من على كتف الطريق إلى الصف الأول عند الإشارات الضوئية أو مخارج الطرق.
إن الجهود التي تقوم بها دائرة النقل لتشجيع استخدام حافلاتها جهود غير مسبوقة، لا سيما لجهة رخص الأجرة أو مستوى فخامة الحافلات المستخدمة، ومع هذا لا يزال الإقبال عليها يكاد يكون منعدماً، وبالأخص من قبل المواطنين الذين وللأسف البعض منهم ينظر إلى استخدام هذه الحافلات على أنه تقليل من شأنه أو مكانته. بينما تختفي مثل هذه النظرة عند شعوب دخل الفرد فيها يعد الأعلى في العالم.
إن ما تقوم به دائرة النقل في أبوظبي هذه الأيام من توسيع للطرق والتوسع في أنظمة المواقف المدفوعة الثمن تصب كلها في ذات الاستراتيجية الموضوعة للإبقاء على أبوظبي جميلة نظيفة بعيداً عن الضريبة الباهظة التي تدفع ثمنها المدن الكبرى التي لم تتصد مبكراً لمشاكل وقضايا الازدحام المروري والتلوث.
إن التحدي الحقيقي لكل تلك المشروعات والخطوات الحضارية لدائرة النقل يتمثل في مواجهة الأعداد المتزايدة للسيارات، والتي تنضم يوميا لمئات الآلاف من السيارات المسجلة في مرور أبوظبي وغيرها من إدارات المرور وتدب على طرقاتنا، فمهما كانت عمليات توسيع الشوارع والطرق وتنظيم المواقف سيظل أثرها محدوداً طالما لم يتم تقنين تسجيل السيارات، وربط التسجيل باعتبارات تراها سلطة الترخيص. واعتقد أن الكثيرين ممن زاروا مدناً أوروبية أو أميركية أو يابانية استوقفتهم الأسعار المتدنية للسيارات فيها، ومع هذا لاحظوا أن أغلبية السكان هناك لا يستسلمون لإغراء امتلاك سيارة خاصة، لأنهم سيكونون على موعد مع حلقات متصلة من الضرائب والرسوم، تجعلهم يتخلصون سريعاً من المركبة والاستمتاع براحة البال التي يوفرها الاعتماد على وسائل النقل العام التي تتمتع بكفاءة عالية لدرجة أنك في بعض البلدان تضبط ساعتك على موعد وصول الحافلة أو القطار.
ونحن نحيي هذه المبادرة الحضارية التجريبية التي ستبدأ من شارعي حمدان وزايد الأول في العاصمة بتخصيص مسار للحافلات نأمل من الجمهور التجاوب والتفاعل لإنجاح المرامي الهادفة من وراء التجربة فنجاحها مكسب لنا جميعاً.


ali.alamodi@admedia.ae