أول ما عرف الناس السينما في أبوظبي والعين، كانت عن طريق الجيش، منذ أيام كشافة ساحل عُمان “تي.أو.أس”، ومن ثم قوة دفاع أبوظبي، وذلك قبل أن تقام دور العرض المختلفة، وقبل أن يعرض بيت الحاكم عروضاً سينمائية بالقرب من القصر كل أسبوعين أو كل شهر أو حسب ما تقتضيه المناسبة، وفي العين كانت العروض عند قصر الشيخ زايد - رحمة الله ورضوانه عليه- الذي تحول اليوم إلى متحف، وبلون رملي يختلف عن صبغته الأولى بالأبيض، ومن ثم انتقلت هذه العروض عند بيت حياة “غريب” الذي لم يكن بعيداً عن القصر، وكانت الناس تلح على الحضور كل ليلة، فعمد إلى إقامة “صليب” مضاء لتستدل على وجود عرض من عدمه، فقد كانت سينما الجيش تشغل عروضها في الهواء الطلق أو ما يعرف باسم القوافل السينمائية، نظراً لأنها متنقلة، وفي سيارات خاصة بهذا الخصوص، حيث كانت مجهزة بشاشة وأجهزة سمعية وميكرفونات، وغيرها من الوسائل البسيطة في حينها، ويمكنها أن تكون في المنامة وبعد فترة في الحمراء أو المرفأ أو العين.
كان أول ما شاهدته من هذه العروض السينمائية البدائية التي كان جيش “تي.أو. أس” يعرضها للجنود أو يمكن أن يشاهدها الأهالي الـ”سيفلين” دون تمييز، عرضاً في قلعة الجاهلي بالعين، وبالذات في الساحة المحيطة بها، وكانت الشاشة جدار القلعة المصبوغ بالنورة، ثم شاهدت عروضاً في معسكر آل نهيان في أبوظبي، عند “ميز” الأفراد، فـ”ميز” الضباط كان مقتصراً على الضباط الإنجليز، وبعض الضباط المحليين القليلين في ذاك الوقت، كانت العروض في ساحة يمكن أن تلعب فيها كرة أو يصطف فيها الجنود في الطابور الصباحي، وللنشاط السينمائي حينما تسنح الفرصة، فقد كانت عروضاً شبه شهرية منتظمة، كان بعضها أفلاماً أجنبية وبالذات أفلام الـ”كاوبوي”، فقد كانت تعجبنا كثيراً، خاصة حركة المسدس الدائرية، وإسقاطه بسرعة في جيب المحزم الجلدي، وكان جانب آخر منها أفلام عربية مضحكة كأفلام إسماعيل ياسين أو أفلام مغامرات كأفلام فريد شوقي ومحمود المليجي وعصابته أو أفلام تاريخية كفيلم عنتر وعبلة أو عنتر يغزو الصحراء أو الفارس الأسود وغيرها، ولا مانع لدينا أن يكرر الفيلم أكثر من مرة، فقد كنا لا نمل من الإعادة، وتجدنا نضحك على الحركة نفسها ولو شاهدنا الفيلم وحفظناه عن ظهر قلب، فأدوات التسلية في ذلك الوقت المبكر كانت قليلة، والسينما فن مدهش بلا شك، فقد كانت ترعب بعض البدو، ويخاف منها الناس القرويون البسطاء، لكنها كانت تحظى في النهاية بحب الجميع، خاصة بعد أن تظل الناس تسرد قصة الفيلم وما فعل البطل والبطلة، وما فيه من أشياء مضحكة أو مؤثرة، بطرقهم المختلفة، وأحياناً يزيدون عليها من عندهم، حينها كان للسينما وهج مميز، وغداً نكمل..


amood8@yahoo.com