ماذا يقرأ الناس في الجرائد عموماً؟ وأولئك الذين يتعاملون مع الصحيفة بشكل احتفائي ويتعلقون بها بطريقة واضحة ماذا يجدون فيها إلى هذه الدرجة؟ هل هناك شيء في الجريدة غير الأخبار التي شاهدوها البارحة مساء على كل الفضائيات؟ هل تقول لهم الصحيفة شيئاً غاب بطريقة أو بأخرى عن ذهن محرري الأخبار في غرف التحرير التلفزيونية؟ لو سألنا مجموعة عشوائية من قراء الصحف هذا السؤال ماذا نتوقع أن تكون إجاباتهم خاصة إذا كانوا من بلدان مختلفة ويتعاملون مع الصحف انطلاقاً من ذهنيات متباينة؟ حاولت أن أقوم بذلك فكانت النتيجة عظيمة جداً! يقرأ كثير من الناس الجريدة كل يوم قبل أن يغادروا منازلهم صباحاً، تحول هذا السلوك إلى طقس سلوكي لا يستقيم اليوم بدونه، تماماً كما اعتاد البعض أن يشرب فنجان القهوة على الريق، أو كما يحرص البعض على سماع تلاوة من القرآن، ويتمادى البعض في جعل يومه جميلاً بما يكفي لاحتمال كل منغصات النهار فيبدأ يومه بمحادثة هاتفية باتجاه القلب، للبعض أصبحت قراءة الجريدة طقساً يشبه فنجان القهوة أو رياضة المشي الصباحية· البعض قال لي باختصار شديد: أقرأ الجريدة كل صباح لكن في المكتب وليس في البيت لسبب واحد هو مقال الكاتب الفلاني الذي اعتدت أن أبدأ يومي بكلماته، بعد ذلك أطوي الجريدة وأضعها جانباً ثم أنساها تماماً، فكل الحروب والمآسي والاجتماعات الكبرى وصور الرؤساء وكبار العالم لا تعنيني لأنني تشبعت منها مساء الأمس عبر الجزيرة والعربية والـ···· صديقتي لا تقرأ الجرائد أبداً، ولا تشاهد الفضائيات العربية ولا حتى القنوات الأخبارية العالمية منذ نهاية حرب لبنان ،2006 فقد أصابتها مشاهد الحرب العراقية ومن ثم اللبنانية بتوتر دائم انتهى بأن تحول لانهيار عصبي أثر في صحتها العامة بشكل دائم، وهي تعتقد أن الامتناع عن قراءة الصحف ومشاهدة الفضائيات العربية الإخبارية أمر مفيد لأن كوارث العالم صناعة سياسية إعلامية تستهلك من لاحول لهم ولا قوة من بسطاء العالم بينما تصب المليارات في جيوب أهل السياسة والحرب والإعلانات!! بعض الناس يقرأ التحاليل الأخبارية وهم قلة قليلة، وبعضهم يقرأ الأخبار المحلية، والأغلبية تتابع دافوس وضواحيها لعل خبراً مطمئناً ينشر شيئاً من الأمل لمتعثري العقارات وأسواق الأسهم، لكن أكثر قراء الصحف طرافة هم متابعو وقراء الإعلانات، لقد اتضح أن هناك من يقرأ صفحات الإعلانات بشكل نهم ومنتظم ويقول هؤلاء إنها أكثر فائدة من أخبار أوباما وخلاف فتح - حماس، وكوارث الطرق والزحام عندنا في الإمارات، لكن الأكثر طرافة أن هناك أعداداً لا بأس بها من القراء يعتقدون أن زمن الجرائد الورقية انتهى فشبكة الإنترنت وفّرت الصحف بسهولة ويسر والأهم بشكل مجاني! من كل هذه الإجابات توقفت عند أولئك الذين يقرأون الصحيفة لأجل كاتب بعينه يهمهم أمر قراءته ومتابعته، حيث أن وصول كاتب الرأي لهذه المنزلة هو أقصى مكافأة لمسيرته الاحترافية في الكتابة، وكل كاتب يحلم بأن يشتري أي شخص الصحيفة التي يكتب فيها ليقرأه هو تحديداً·· ذلك لا يعني أنه يتمتع بمستوى عال من الحرفية فقط لكنه يعني أنه صار محل ثقة قرائه وهذا ليس سهلاً على الإطلاق· ayya-222@hotmail.com