عندما يأتينا الصيف يجب أن نستعد له جيداً، فهو ضيف دائم، معلوم وقت زيارته كل عام، بل ضيف ثقيل لا يمكن صده أو رده، ولكن علينا التأقلم معه، ومواجهة مشاكله وهمومه، مهما كبرت، وأولها حرارته التي تكشف ضعف إجراءات السلامة التي تتخذها وتطبقها المنشآت العاملة بالدولة، وإهمالها لتأمين سلامة محيطها ومبانيها وجيرانها، وعدم اكتراثها بالكوارث التي قد تنجم عن إهمالها هذا، وعدم تقيدها بالشروط والإجراءات واللوائح والقوانين، التي تضعها الجهات الحكومية، وتكتفي في كثير من الأحيان بهذا القدر، وتترك مصير سلامة الناس والمنشآت والمباني لضمائر ووزاع أرباب العمل، للتنبه لخطورة إهمالهم، والعمل الذي يقترفونه بترك الحبل على الغارب، فيما يتعلق بالتزامهم باشتراطات الأمن والسلامة. وهو ما يتطلب، بل يحتم على الجهات المعنية التشدد في إلزام كل مهمل بشروط السلامة العامة، من خلال فرض الغرامات وتشديدها وتغليظها على أولئك اللامبالين، والعابثين بأرواح الناس والمجتمع، كما على الجهات المعنية إظهار جدية كاملة في إلزامها بتطبيق الاشتراطات والقوانين التي تحمي المجتمع، وتقيه الشرور التي تخلفها تجاوزات أرباب العمل.
وفي فصل الصيف ونتيجة ارتفاع درجات الحرارة تكثر الحرائق، خاصة تلك التي تندلع في المصانع والورش والمحال التجارية والمستودعات، وغيرها من الأماكن التي يفترض أن تكون محصنة بأعلى الدرجات ضد الحريق، وقادرة بإجراءاتها والاشتراطات المطبقة والتزامها بها، في إطفاء أي شرر قد يتسبب بأي حريق، ولكن ما يحدث العكس، فمن أصغر الشرر تحترق مصانع، وتذوب مخازن، وتهوي مبان، وتدمر ورش، وهو ما يعني خسائر كبيرة، وخطراً يهدد أرواح البشر العاملين بتلك المنشآت، والمباني والمخازن، كما تشكل خطراً على الاقتصاد الوطني التي تهدر منه ملايين الدراهم.
قبل أيام فجعت إحدى مناطق الشارقة مثلاً، بانفجار ثلاث أسطوانات غاز بمطعم، امتدت أضراره لعشرة محال تجارية وسبع عشرة سيارة متوقفة بالقرب من المكان، ومن محاسن الصدف أن الحادث وقع في الخامسة فجراً، بينما كان المطعم يستعد لإعداد طعام الفطور، فلم تكن هناك إصابات بشرية في الشارع، الذي يكتظ بالمارة والمتسوقين، ولكن من لطف المولى أنهم كانوا نياماً في ذلك الوقت، كما سارعت إدارة الدفاع المدني بتأمين سلامة أكثر من أربعين أسرة تسكن البناية نفسها التي يقع بها المطعم للحفاظ على سلامتهم.
وفي الإمارة الباسمة أيضاً، وفي اليوم نفسه أتى حريق شب في منطقة الصجعة الصناعية على قرابة خمسة عشر كرفاناً للعمال، وكمية كبيرة من الأخشاب بمستودعات تتبع إحدى الشركات بالمنطقة. لذا يجب ألا تمر هذه الحوادث مرور الكرام، ويجب أن يحاسب من تسبب فيها دون هوادة، لأنه يتسبب في الإضرار باقتصاد بلد، وممتلكات عامة، ويعرض حياة أبرياء للخطر، بسبب إهمال وتقصير ولا مبالاة، وحفنة دراهم يسعى لتوفيرها جراء تهربه، وعدم تقيده باشتراطات السلامة والتي تحددها الجهات المعنية.


m.eisa@alittihad.ae