ما يبكيك يا حمامة، والنخل يزف من سحر الفجر هبات بزوغها ورد، ومن عطر النسيم روح المدن تباشير، ما يبكيك، هل نشوة من الصيف النعيم أم شوكة إرادتك تذرفين الدمع، لكنها الحياة يا حمامة تنوح فيها الفصول، وتقترب دمعة شقية من منازل قديمة، تناست تحت ظلالها حبات التمر، تناست النخيل، ما الجوع إلا شبعاً يتوق إليه الحصاد، وتمضي الأيام رغم الغناء الأليم، تبتكر السحب رسمها ما بين المنامة وبوابتها القديمة، عربة الغروب تمضي أمام نوافذ بيوت المحرق، وممرات ضيقة تحمل في طياتها خطوات المارة، أما هي فجاءت من سنوات العمر تسعى، كأنها اعتادت على شراء رغيف الخبز، ورغم زحمة الطريق، لا تعيق الأيام خطواتها، ولا ترهبها المسافة ولا تطربها إلا الذاكرة، هي تتأمل وجوه المارة أمام محلات بائعي الحلوى، ومحلات العطارين في سوق المحرق، هم نواة الترحال لكل الزائرين من مختلف مدن الخليج العربي، يوفدون في شوق إلى طبيعة الأيام القديمة. زرقة البحر تموج خلسة، وفي هدوء تتبادر الأغاني المنسية، والأهازيج القديمة تتبادر ما بين الرحيل والأحلام، ويتهادى السحر ما بين فصول الغيوم وذاكرة الأيام، وتعبر وجوه هرمة كأنها تخطو إلى المدى البعيد وفضاء الاطمئنان، مسارات مدن بهية شفافة يزهر الوقت في تاريخها، يكتبها حبر الأرق من الشعر والقصص، ومن وهج الروايات والتعابير الجميلة، فكم فاضت البحرين بأقلام الشعراء والأدباء ومن سحر الكتابة الجميلة، والتي عانقت قلوب القراء على مختلف الأنماط والتباين الفكري والثقافي. هادئة هي مدن البحرين باقية على عهد الترحاب، قائلين هذا مكانكم وهذه داركم، فما أجمل لغة ما زالت تحتضن القلوب، ومدن رمزها أثري، وأخرى من خيال الواقع، أي مدن تجدد سحر الحياة ورونقها الجميل، هي من تاريخ دلمون تبوح حضارة وكياناً وجمالًا، وهي استرسال ما بين هندسة البحر، وشكل المراكب العابرة، ما بين تموج الحرية وعبق التاريخ، ما بين زهو الواقع وفنون التشكل القيم. تمضي بين أمواج الزمن، تراقص الحلم، تقدس اكتشاف الحياة من جديد رغم كنوز التاريخ وفضاء التراث، إلا أنها تهبها الحياة قدرة على الابتهاج والمضي قدما نحو التحول الجميل، وتجدد سحرها من ذهب وياقوت ومرجان ورائحة عطرها المخملي، تلملم كل بقايا الزمن وتكتب عشقها السلام والروعة، ورغم تحديات الألم هي مشرقة، ورغم جفاف عين عذارى هي عذبة ملهمة. Hareb.AlDhaheri@alittihad.ae