يكثر الحديث حول المستوى الذي يقدمه منتخبنا الوطني، وتدور السجالات بين راضٍ عن النتيجة، ومقتنع بالقسمة، ومؤكد أن الفوز بالنقاط والتأهل عبر المراحل هو الهدف الرئيس لمثل هذه المنافسات، فالتاريخ لا يتذكر سوى هذه النتائج ولا يلقي بالاً لنوعية الأداء، وهناك ساخط منتقد لما يقدمه المنتخب من مستويات، وحجته في هذا أن المنتخب لم يواجه منتخبات قوية بمعنى الكلمة، وهذا يزرع لديه الكثير من بذور الخوف في قدرة «الأبيض» على مواصلة المشوار وبلوغ المراد.
ولكن بنظرة أوسع وأكثر شمولية، لم يكن هناك أي فريق قادر على الإقناع حتى الآن، بما فيها الفرق الأخرى التي ستبدأ اعتباراً من اليوم منافسات دور الثمانية، وحتى هذه اللحظة لم تكن هناك مستويات قوية، أو مباريات ذات قيمة عالية تعكس التطور والرقي الذي وصلت إليه الكرة الآسيوية «إن وجد»، فكل الفرق تلعب بحثاً عن نتيجة فقط، أما الأداء، فليس في مقدمة أولوياتها، ولا تمنحه أي اهتمام يذكر.
وعلى سبيل المثال هناك أستراليا حاملة اللقب التي لم تقنع حتى اليوم، وجاء تأهلها إلى هذه المرحلة بدرجات متفاوتة الصعوبة، على الرغم من أنها مرشحة قوية للحفاظ على اللقب، وكذلك اليابان التي لم تقدم أفضل ما لديها، وهناك كوريا الجنوبية التي ظهرت بشكل رائع في كأس العالم، ولكنها لا تبدو كذلك في كأس آسيا، وتعرضت لحرج بالغ أمام شباب «الأحمر» البحريني الذين نجحوا في استدراج «شمشون» الكوري إلى الأوقات الإضافية، ولم تستمر المغامرة حتى النهاية.
هذه المستويات المتواضعة التي ظهرت عليها القوى التقليدية في القارة الأكبر في العالم والأكثر سكاناً، ترسم صورة واقعية للتطور البطيء في كرة القدم الآسيوية، حيث إن البطولة لا تقدم المتعة المطلوبة للمتابعين المحايدين، كما هو الحال بالنسبة للبطولات القارية الأخرى، وتطرح سؤالاً مهماً عن جدوى الجهود التي يتغنى بها المسؤولون في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم وتلك المبالغ التي يتم إنفاقها من أجل تطوير اللعبة، والارتقاء بها إلى الأعلى.
لا زلنا نبحث عن المتعة المفقودة، والبطولة لم يعد متبقياً منها سوى 7 مباريات، ومن بعدها ينفض السامر ونودعها، ولا ندري هل ستتواصل سياسة كرة القدم التجارية، والتي انتهجتها معظم المنتخبات الآسيوية خلال البطولة، حيث الفوز هو الهدف الرئيس، والإقناع يأتي في مرتبة متأخرة، والنتيجة هي كرة آسيوية باهتة لا تلفت الأنظار ولا تشد الآخرين، ولا تسوق للمنتج الأكبر والأهم، فقد اقتربت كأس آسيا من ختامها، ولا زلنا نفتش عن كرة القدم.