من بين مدربي الدور نصف النهائي للمونديال، هناك ثلاثة مدربين وطنيين، هم مدربو إنجلترا وفرنسا وكرواتيا، أما مدرب المنتخب البلجيكي، فهو إسباني، وكان في طريقه أيضاً لتولي دفة منتخب بلاده، ليكون خلفاً للمدرب المقال جولين لوبيتيجي، قبل أن يتم الإعلان عن تولي لويس انريكي المهمة. ومن بين الأربعة أيضاً، هناك ثلاثة، يمكن القول إنهم شباب، فثلاثتهم تحت الخمسين، وواحد جاوز الخمسين بعام واحد، هو مدرب كرواتيا زلاتكو داليتش، أما الجميع، فخاضوا قصة كفاح مرهقة، وثابروا ليحققوا ما وصلوا إليه، وليصبحوا حديث العالم. وفي ظني إن ما قدمه المدربون الأربعة، راجع لعقلية الشباب التي تحلوا بها في عملهم، والتي دفعتهم لتجاوز القوالب الجامدة، وكسر الاعتياد، والمغامرة.. تلك المغامرة التي كانت سبباً من قبل في إصرار الإسباني روبيرتو مارتينيز على أن يواصل كما يريد، غير عابئ بما واجهه في إيفرتون الإنجليزي أو سوانسي أو ويجان أتلتيك، وغير عابئ بالاستغناء عن خدماته بوداع مهذب ولا بعدم رضا روميلو لوكاكو المهاجم البلجيكي الذي بات شاهداً اليوم على عودة مارتينيز المدهشة والمبهجة ليكون مدرباً لأحد أقوى وأكثر الفرق إمتاعاً بالبطولة حتى الآن، وخلال 26 مباراة قاد فيها الفريق، حقق 19 انتصاراً وتعادل في خمس مباريات، وخسر مباراة واحدة فقط، كانت في بداية المهمة، لكنه لم يتوقف عندها. تلك المغامرة، أيضاً، كانت السبب في انتصار جاريث ساوثجيت مدرب المنتخب الإنجليزي ذي الأعوام السبعة والأربعين، على الصورة السلبية التي طاردته في ملاعب انجلترا حين كان هدفاً لسهام الانتقاد التي طالته وهو لاعب، واستمرت معه وهو مدرب لمنتخب انجلترا للشباب، يوم خسر الفريق في نصف النهائي بكأس الأمم الأوروبية عام 1996 أمام ألمانيا بضربات الترجيح.. وقتها هاجمه الجميع، لكنه بعد 22 عاماً عاد مدرباً للأسود الثلاثة، وفي الوقت الذي لم يكن الإنجليز ينتظرون الكثير من فريقهم، مضى بهم إلى حيث لم يتوقعوا، دون أن يتخلى عما يريد وعما يؤمن به، ودون أن يهمل التفاصيل الصغيرة، ليغير من الصورة الذهنية السلبية المعروفة عن المدرب الإنجليزي في السنوات الماضية. وفي فرنسا، يبدو ديشامب ابن التسعة والأربعين عاماً، مثلما كان في الملعب، يعرف الطريق جيداً إلى البطولة، فبعد أن حقق مع منتخب بلاده كلاعب كأس العالم عام 1998 وكأس أوروبا 2000، ها هو يمضي بهم كما كان يمضي، ليصبح من أكثر المدربين فوزاً مع المنتخب الفرنسي، بفارق كبير عن أقرب منافسيه، ميشيل هيدالجو. أن تكون «ابن الوطن» فذلك يختصر الكثير ويعني الكثير، لكن المهم أن تعرف ما تريد وكيف، أما أن تكون شاباً فهذا يعني أنه لا حدود للحلم. كلمة أخيرة: في المونديال.. العالم يعلمنا كيف نلعب وكيف نشجع وكيف نختار وكيف ندير.. نحن نعلمهم كيفية «السقوط»