انتهى الحلم.. حلم الكروات، وحلمنا أيضاً.. نحن الذين عشنا شهراً كاملاً مع كرة لم نعتدها ولا نراها إلا هناك، حيث صراع السحرة، الذين يبدو أنهم يزيدون عنا بأيدٍ ورؤوس وأقدام وربما يزيدون في الحماس وفي العاطفة. حقق الديك الفرنسي النجمة الثانية، وأعاد بعد عشرين عاماً الفرحة إلى ربوع فرنسا، بعد نهائي مثير، دان لأبناء «ديشان» برباعية مقابل هدفين لنجوم البلقان، الذين كافحوا وفعلوا كل ما بإمكانهم، لكن الحظ وأشياء أخرى كانت ضدهم.. الحظ والتاريخ وروح البطولة وخبراتها، وتلك كلها أمور يعرفها الفرنسيون جيداً. استحقت فرنسا لقب المونديال قياساً بما قدمت طوال البطولة وفي المباراة النهائية بالذات، التي شهدت ستة أهداف، كان لتقنية «الفار» واحد منها على حساب الكروات. أسدل الستار على كأس العالم، بعد صراع جسدته المباراة النهائية، التي اختزلت كل تفاصيل الإثارة التي عشناها في البطولة، وكانت بحق أفضل ختام لحدث من الخيال، فشهدت نصف دستة أهداف دفعة واحدة، وانحاز الكأس للكبار، رافضة أن تمنح الضيف «الثالث عشر» على المباريات النهائية، صك الاعتراف وأيقونة التاج. وبعيداً عن المباراة النهائية، فقد قضينا شهراً مع بطولة استثنائية بكل المقاييس، وفرت لها روسيا كل أسباب النجاح، والأهم أن المنتخبات العالمية قدمت خلالها أداء يمكن القول إنه يمثل نقطة تحول في مسيرة البطولة، وانعكس في جملة من الأرقام القياسية الدالة على هذا الاستثناء، لعل في مقدمتها أهداف الوقت القاتل، التي تم تسجيلها بعد نهاية الوقت الأصلي للمباراة، والتي بلغت 19 هدفاً دفعة واحدة. وعلى الرغم من أن الإثارة كانت حاضرة بهذا الشكل، إلا أن ذلك في الملعب وبين اللاعبين، كان دافعاً للعطاء وليس للخشونة، التي قل معدلها في روسيا بشكل بالغ، فحتى الختام شهدت البطولة 4 حالات طرد فقط، لم يأت أي منها بعد دور الـ16، وهو رقم متواضع للغاية، ربما يجعلها بطولة «اللعب النظيف»، وعلى سبيل المقارنة، فقد شهد مونديال 2006 في ألمانيا 28 حالة طرد، ولم يشهد - قطعاً- كل هذا الجمال والإبداع الذي شهدناه في روسيا. أرض المفاجآت، والأرقام القياسية، شهدت كذلك تعادلاً سلبياً وحيداً كان بين فرنسا والدنمارك، وهو الرقم الأقل منذ مونديال سويسرا عام 1954، كما شهدت احتساب عدد كبير من ضربات الجزاء ومعظمها كان في الدور الأول، ولعل تطبيق تقنية الفيديو، ساهم بشكل كبير في الكثير من تلك الظواهر، لكنه لا علاقة له بما شهدناه في الملعب من متعة، جعلتها البطولة الأروع ربما في تاريخ كأس العالم. كلمة أخيرة: البطولات تختار من يستحقها.. والفشل يختاره من يستحقه