ما يحدث من ابتعاد عن المسار، لا يحتاج إلى أكثر من وقفة جادة، تنهي تعرقل عربة التوظيف عند مزالق بعض المسؤولين الذين وضعوا أنفسهم هضاباً، وليس سهولاً، لترتع على أعشابها غزلان الوطن.
وقفة جادة تكفي، لإيقاف موجة العقبات وكسر حاجز التيئيّس الذي يقام بين فترة وأخرى.
الوطن بخير، وقدرته على العطاء تفوق تصور كل يائس وقانط ومحبط، وعاجز عن مسايرة الركب. الوطن لديه من خيرات الله ما يدهش ويذهل، وكل ما يريده هو التخلص من الكسل واللامبالاة والإجحاف بحق نعمته. نحن لا نشكو من شح الأرض، وإنما ما يؤرقنا شحيح من قبعوا خلف المكاتب، ونسوا واجباتهم كمسؤولين، ومديرين، عليهم تقع واجبات تلمس حاجة المواطن إلى الوظيفة، ليعيش حياة طبيعية، لا تنغصها صرخة طفل بحاجة إلى حقيبة مدرسية، ولا تكدرها شكوى امرأة تريد أن تكون بمستوى جارتها القريبة.
ما يريده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، هو بقاء إنسان الإمارات دائماً مثل صفاء عيون الفراشات، وشفافية الزهر، وعفوية النخلة. هذا ما يريده سموه، وهو من تربى على سجايا الساهرين على كفكفة دمعة أرملة، وإجبار خاطر مطلقة، وتجفيف منابع الآهة في صدر محتاج، وتوسيع رئة معوز بعطاء يحفظ كرامته، ويحميه من مد اليد. هذه هي التربية التي نشأ في كنفها سموه، ويريد لكل مواطن أن يخفق قلبه لأجلها، ويحدق في سمائها. هذه النجمة التي رصعت وميضها في قلبه، حتى صار سموه خيطاً من ضوء سماوي، يمتد من القلب إلى القلب، بحيث أصبح المواطن بالنسبة له الشريان الذي ينبض في صدره، والوريد الذي يغذي جسده بدماء الحياة الشريفة.
عندما يقول سموه لابد من وقفة جادة، لحل معضلة توطين الوظائف، فإنه يعلم بيقين الفارس، وفطنة الشاعر، وحكمة الحاكم، أنه ما من مشكلة وإلا ولها حل، طالما صفيت الضمائر، وتعففت الأرواح، وارتقت الأفكار، وتحضّرت العقول، ولا شيء يمكن أن يعيق المسيرة سوى أولئك الذين يلوون (أبوازهم )، عندما تعترضهم مسألة التوطين، أو أي مشكلة تخص الإنسان. يعرف سموه أنه قادر بلمحة فكرة نيرة على فم رموز التعقيد وفتح أفق الحياة، وجعل الأنهار تمضي إلى الحقول من دون وضع صخور اليأس أو قطع أشجار الأمل.