تتسابق العديد من الجهات وفي مقدمتها المؤسسات التعليمية في تبني مبادرات دمج ذوي الاحتياجات الخاصة أو المعاقين، وهي مبادرات راقية رقي التوجهات الإنسانية التي تحرص عليها الدولة في حدبها على الإنسان وتوجيه طاقاته مهما كانت لخدمة التنمية المستدامة. وخلال ملتقى الشركاء 2010 الذي نظّمته مؤخراً مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصة، تحت شعار “نلتقي من أجلهم”، جدد ممثلو مؤسسات رسمية في أبوظبي الدعوات لتعزيز تلك المبادرات باتجاه المزيد من الرعاية والاهتمام بهذه الفئة من أبنائنا، ليكونوا أكثر تأثيراً وتفاعلاً في المجتمع. كما دعوا إلى أن تأخذ رعاية هذه الفئة شكلاً تنظيمياً ومؤسسياً له خطط وأهداف محددة وواضحة، ونشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية ووضع القوانين المحفزة للشركات والأفراد التي تجعل من عطائهم حافزاً لدمج هذه الفئة في مجتمع الإمارات”. وتمت خلال الملتقى الإشادة باهتمام الدولة بذوي الاحتياجات الخاصة، وهو الأمر الواضح على المستويات التشريعية والتنفيذية، ولكن ما وددت الاشارة اليه أهمية قيام تلك الجهات، ولا سيما في المدارس بإعادة النظر في طريقة دمجها لهذه الفئة بحيث تعطي النتائج المرجوة منها لا نتائج عكسية، لمجرد أن هذه الجهة أو تلك تريد أن تدرج في تقاريرها أعداد الطلبة من ذوي الاحتياجات ممن قامت بدمجهم واستيعابهم. وقد ذكر ولي أمر طالب من ذوي الاحتياجات انتكاس حالة ابنه عقب دمجه في مدرسة للطلاب الأسوياء، لأن لا ابنه ولا بقية الطلاب ولا حتى بعض المدرسين والمدرسات تم إعدادهم لهذه النقلة، فقد وجد التلميذ الصغير نفسه محل سخرية البعض والتندر عليه. وآخرون يجدون أنفسهم محل انتقادات المدرس لبطء الاستيعاب لأن المدرس لم يهيأ لاستقبال مثل هذه الحالات. وهناك بعض ممن ينقلون صوراً مماثلة من مواقع العمل التي حاولت استيعاب هذه الفئة من ذوي الاحتياجات، ولكن أيضاً لم توفق بسبب الاستعجال في إسناد المهام لأفراد هذه الفئة التي لا ننكر أن البعض منهم تفوق حتى على الأسوياء من أقرانه، وأبدع في تنفيذ وإنجاز المهام التي أوكلت إليه. نعود لنقول إن هذه التجربة المتميزة للإمارات في دمج ذوي الاحتياجات الخاصة، والتي وفرت لها أرضية تشريعية وقانونية متينة، بحاجة إلى صونها وتعزيزها من خلال برامج الإعداد والتهيئة، وبالأخص عند التلاميذ والأشخاص الآخرين، والتي من خلالها يتعزز الوعي والثقة بقدرات هذه الفئة التي يجب أن ننظر إليها كطاقة إضافية يمكن أن تساهم في مسيرة التنمية، وبحاجة للثقة بها ومساعدتها على الاندماج، لا مجرد فئة ينظر إليها بنظرات الشفقة والأسى. لقد كانت بداية الاهتمام بهذه الفئة من خلال الإعلان الذي أطلقه منذ عدة سنوات سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية، ودعوته إلى تبني مبان صديقة للمعاق، بحيث يمكنه الاعتماد على نفسه لإنجاز معاملاته أو عمله فيها، وقد كانت لهذه الدعوة المبكرة أصداؤها الطيبة، ولإنجاح هذه الجهود الطيبة علينا حسن الإعداد لا خوض سباق غير مدروس. علي العمودي | ali.alamodi@admedia.ae