الفساد القطري ليس رياضياً وحسب. فنحن إزاء كيان يعبث بالأمن والسلام في المنطقة، ويساعد قوى الإرهاب والشر على تنفيذ أجنداتها المعتمة، ومن المهم أن يدرس الاتحاد الدولي لكرة القدم سلسلة متصلة ومستمرة من الفساد السياسي والاقتصادي والثقافي الذي يرعاه «تنظيم الحمدين»، فهذه اللعبة الشعبية تعبر عن التواصل الحضاري بين البشر، وتعكس الحد الأعلى من القيم والأخلاق، وهذه لا تتجزّأ، وليس لها إلا مكيال واحد.
قطر لم تلجأ إلى «اللعب النظيف» في استضافة مونديال 2022، ولم تقدم «روحاً رياضية» تتقبل الفوز والخسارة في المنافسة، بقدر ما برمجت عمليات دولية واسعة ومعقدة لمكسب سرعان ما انكشف عمق الخسارة فيه، فالرشى والتلاعب والتزوير باتت عناوين لعمل ممنهج في العتمة، كشفته التحقيقات، ويخضع للمراجعة الآن.
كل ذلك، أصبح واضحاً للمجتمع الرياضي حول العالم، والاعترافات والتقارير الدولية تؤكد كل يوم غياب النزاهة عن السباق الذي خاضته قطر نحو المونديال.
لكن لا ينبغي للاتحاد الدولي لكرة القدم أن يتجاهل البعد الجماهيري الذي اعتمدت عليه الدوحة في استضافة الحدث، حينما أشارت إلى أن محيطها العربي، والخليجي تحديداً يشكل ثقلاً وزخماً كبيرين لملاعب البطولة.
ما حدث لاحقاً، وفي إطار الفساد الذهني ذاته الذي تمظهر سياسياً ورياضياً وخلافه، أن قطر خاضت مؤامرات عبثية ضد جوارها الخليجي، ودخلت في تحالفات دولية مشبوهة تضر بمصالح محيطها الخليجي، وواصلت دعمها المالي والسياسي للتنظيمات الإرهابية الأكثر تطرفاً وتوحشاً، وفي مقدمتها جماعة «الإخوان المسلمين».
الرِشى وإقصاء المنافسين بالمال تُهمٌ يستطيع «الفيفا» التعامل معها وملاحقة المسؤولين القطريين والدوليين قضائياً، لكنّ الأهم هو نزع استضافة البطولة من «تنظيم الحمدين»، ليس للأسباب الرياضية فقط، على وجاهتها وأهميتها، وإنما لأجل مكافحة فساد كيانٍ ينتهك كل المواثيق والقيم والمبادئ الإنسانية، وينحاز لقوى الظلام والأذى، وتالياً، لا يستطيع أن يكون مستضيفاً للبعيد، وهو يهدد أمن القريب، كل يوم.