على الرغم من أننا في فترة الصيف التي تقل فيها الأعمال والأنشطة الاستثمارية، والتي تشهد تراجعاً في الطلب سواء في القطاع التجاري أو العقاري أو حتى في أسواق الأسهم والبورصات، ولكن ثمة من تشهد أنشطتهم رواجاً كبيراً، ويجنون أضعاف ما يجنونه في الأيام العادية من أموال. لا أقصد شركات السفر والسياحة، ولا أصحاب الفنادق والمنتجعات، ولكنني أعني شريحة معينة من العاملين بمهنة التدريس، نعم بعض المعلمين الذين يواصلون الليل بالنهار من أجل عشرات وربما مئات الآلاف من الدراهم التي يجنونها خلال أيام الاختبارات فقط، من خلال ما يعرف بالدروس الخصوصية التي تقدم في الخفاء، بعيداً عن أعين الوزارات والجهات الحكومية المعنية بالتعليم. لعل من أبرز الظواهر في هذه الأيام أن مقدمي الدروس الخصوصية الذين يسابقون الزمن لاستغلال كل ساعة من ليل أو نهار، قد تخطوا الحدود الجغرافية، ليس لتغيير الجو أو الهرب من حرارة الشمس، بل خوفاً من أن يصادفهم أي زميل أو مسؤول في مدارسهم ومناطقهم التعليمية، فتجد الواحد منهم يقدم دروسه في إمارة بعيدة، ويمتنع عن تقديمها في المنطقة التي يعمل بها، خوفاً من أن يفضح أمره، والأغرب أن بعض أسر الطلاب المستفيدين تقوم بإيواء المعلمين، حتى أن المعلم لا يوقف سيارته أمام المنزل، بل تخبأ في المرآب “الكراج” داخل البيت، بعيداً عن الأعين. أما الأسعار فهي تزداد كلما اقتربت الاختبارات، وفي أقل الأحوال فإن الساعة الواحدة لن تقل عن مائة إلى مائتي درهم للشخص الواحد في كل جلسة، وإذا كان هناك 4 أو 5 طلاب في تلك الجلسة، فإن تكلفة الساعة تصل إلى خانة الآلاف من الدراهم، وقد يكتفي بعض هؤلاء المعلمين بعشر ساعات في اليوم الواحد، وبعضهم يبحث عن المزيد، وعند هؤلاء تبدأ ساعات العمل من بعد الظهر، وتستمر حتى الساعات الأولى من الصباح. لا أريد التعمق أكثر في ممارسات مقدمي الدروس الخصوصية، فقد لا يكون هذا مجالها، ولكن ما أود الإشارة إليه هو أنه على الرغم من كل ما نسمعه من جهود لمحاربة ظاهرة الدروس الخصوصية، فإنها مستمرة بالانتشار والتفشي يوماً بعد يوم. وأصبح من الضروري إيجاد حلول تضمن تنظيمها إذا كان القضاء عليها ضربا من الخيال، وبإمكان الجهات المعنية بالتعليم وضع آلية لتنظيم هذه الدروس بطريقة تختلف عن “دروس التقوية” التي يعمل بها في بعض المناطق حالياً، والتي لا تلقى الإقبال المطلوب، ربما لأنها تتم في أجواء مدرسية وروتينية تختلف عما توفره الدروس الخصوصية في المنازل. أعتقد أنه من المهم تقنين وتنظيم الدروس الخصوصية من خلال دراسة مميزاتها، سواء فيما يتعلق بطبيعة الأجواء التي تتم فيها أو المقابل المادي الذي يحصل عليه المعلم، والذي قد يكون دافعاً لأن يبذل جهداً مضاعفاً من أجل تمكين الطلاب من استيعاب دروسهم. أما إذا لم تنظم هذه الظاهرة فستصبح لدينا سوق سوداء تجري أعمالها في الخفاء، يعتبرها البعض “بيزنس” يجني لهم أموالاً جيدة، دون أن تكون لها ضوابط تضمن عدم امتداد تأثيراتها إلى جوانب أخلاقية واجتماعية سلبية على مجتمعنا. hussain.alhamadi@admedia.ae