نشرت “الديلي ميل” قبل أيام، خبراً عن ضبط (شحات) في بريطانيا، في الثلاثينيات من العمر، اختار مهنة (الشحاتة) على غيرها من المهن، نظراً للعائد السخي الذي تقدمه، حيث يبلغ دخله السنوي، حسب الصحيفة حوالي 50 ألف جنيه استرليني، ما يقارب حوالي 300 ألف درهم ، وهو دخل من دون شك محترم، ويضمن لصاحبه الحصول على حياة كريمة! هذا الرقم لو أردنا عمل بعض المقارنات، يعتبر أحسن من مرتبات الكثير من الموظفين الكادحين في أعمالهم، والذين يعملون لساعات طويلة، ولا يبلغ دخلهم هذا (الشحات)، الذي يملك بجانب دخله المرتفع، منزلاً، يبلغ سعره حوالى 300 ألف باوند، أي ما يعادل حوالى 1,8 مليون درهم، وهو أيضاً رقم لا يقوى معظم الموظفين على البناء به. وعلى الرغم من هذا الثراء الذي يتمتع به (الشحات) إلا أنه اختار حياة البخل والتوفير، حيث يكشف الخبر أنه يستخدم بيوت الشباب والمآوي المخصصة للفقراء للمبيت، عوضاً عن منزله «أبو الملايين»، كما أنه يستفيد من هذه البيوت في تحصيل وجبات يومه، بمعنى أنه يعمل باتجاه واحد، يأخذ ولا يعطي، وربما هذا يفسر سبب ثرائه. عموماً، لا نريد أن نحسد هذا (الشحات)، ولا غيره من (الشحاتين)، لأن الدنيا أرزاق كما يقال، وكل شخص يأخذ نصيبه المقدر له في النهاية، لكني أتطرق للموضوع في زاوية اليوم لثلاثة أسباب، الأول، هذه أول مرة أعرف فيها أن التسول مجزٍ لهذه الدرجة في لندن، فالفكرة المعروفة أن الإنجليز حريصون ولا يدفعون بـ«الساهل» خاصة لـ(الشحاتين) والمتسولين، لكن هذا المتسول على ما يبدو، يعرف من أين تؤكل الكتف، فالخبر يقول إنه اختار محطة قطار في حي ثري بالعاصمة البريطانية، يمر فيها آلاف المسافرين يومياً، وقد اعتاد تحويل العملات المعدنية التي يحصل عليها إلى أوراق نقدية باستبدالها لدى محل خباز مجاور، والثاني أن هذه الأرقام تثبت أن (الشحاتة) عمل مربح، ويقدم دخلاً عالياً لأصحابه، ولعل هذا السبب يفسر قبول بعض الأشخاص إهانة أنفسهم وكرامتهم بامتهان (الشحاتة)، كما أنه يفسر استمرار ظاهرة (الشحاتة)، وعدم نجاح كل الحملات التي تنظم للقضاء عليها وتقليص أعدادهم، فإن المتسولين يواصلون جهودهم على الرغم من الأخطار المحيطة بالمهنة، والثالث أننا مقبلون بعد أسابيع على شهر الطاعة والعبادات، وهذا الشهر بالنسبة للمسلمين يعتبر فرصة لمضاعفة الأعمال، والتقرب إلى الله، ومضاعفة الأجر والحسنات، ولكنه في الجهة المقابلة في معسكر (الشحاتين) والمتسولين يعتبر فرصة لتعظيم الأرباح وزيادة المدخرات، لذلك في المرة المقبلة عندما تشاهد (شحاتاً) لا يغرنك مظهره وشكله، ومحاولات الاستعطاف التي يقوم بها، لأنه ممكن جداً أن يكون أغنى منك، ولنا في (الشحات) الإنجليزي عبرة. Saif.alshamsi@admedia.ae