لن نطلب من «الأبيض» اليوم أن «يشد الهمة» أو يضاعف الجهد، فهو الأدرى بما عليه، ولن نقول له أسعد جماهيرك فنحن سعداء به في كل الأحوال، ولن نقول إن كل الإمارات تنتظره بالكأس، فأياً كانت العودة فهي عودة أبطال، وهو الكأس وهو التاج وهو أحلى ما في كرة الإمارات. ندرك أن مواجهة العراق ليست سهلة، لكنهم يدركون قبلنا.. «نطنطن» ونقيّم ونُحلل، لكن ما لدينا يبقى كلاماً، أما هم فيبقى لديهم النبأ اليقين.. نسهر الليل الطويل «نسولف» عن المباراة ونتوه في بحر التوقعات، ونضحك تارة ونسرح تارة ونحن نتناول «المشروبات»، لكنهم وحدهم من أرقهم التفكير، وجافى النوم عيونهم أحياناً.. يفكرون ماذا يصنعون، وهم يحملون على أكتافهم أحلاماً، يرونها أحلام وطن، لكن الوطن يقول لهم : لقد أبليتم خير البلاء، وأكدتم أنكم أشداء، فالعبوا كما عهدناكم.. استمتعوا بالكرة وأمتعونا.. العبوا لأنفسكم أولاً وللحلم الذين تشكلون ملامحه، لتهدوه إلينا في المستقبل بإذن الله زهوراً وثماراً. اليوم، يربض حلمنا في عرين «أسود الرافدين»، وهم حقاً أسود.. هم مثلنا بذلوا الكثير من العرق السخي.. هم مثلنا تواقون للفرحة، وربما يرون شعبهم أكثر شوقاً إليها، ولديهم من عناصر الخبرة كثيرون، ولديهم من يسطرون آخر حروف المشاركة في الكتاب الخليجي.. هم مثلنا أودعوا أحلامهم وعلقوا أمانيهم في رقبة مدرب مواطن.. هم مثلنا.. مضوا بالعلامة الكاملة.. فقط «ضربات الترجيح» هي التي فرقت بيننا وبينهم في تفاصيل المشوار إلى النهائي، حين تأخر موعدهم بعض الوقت، لكنهم في كل الأحوال أقوياء، ونحن أيضاً أقوياء، وبيننا وبينهم، يبقى الحلم مشروعاً إلى أن يختار على أي أرض يبيت. اليوم.. ستقام المبارة النهائية في ثلاث دول.. ستدور رحاها في البحرين، وتخفق معها القلوب في الإمارات وفي بغداد، وفي المدرجات سنكون، لكننا لا نطلب ثمناً لهذا التواجد، وإنما سنكون هناك، بجوار أبنائنا، أياً كانت النتيجة، فقد أعلناها من قبل.. «كلهم ناجحون». من قبل، كنا نخشى الحسد تارة، ونقاوم سحر الانتصارات تارة، ونرفض أن نضغط على اللاعبين كما يقال مرات، لكننا اليوم وقد وصلنا لهذه النقطة، نعلم أن لدينا فريقاً نفاخر به، قدم أوراق اعتماده إلى القلوب أولاً، وهذا يكفينا، وما يأتي بعد هذا ففضل كبير. لا ننكر أننا تواقون للكأس، فواحدة لا تكفي، ونتطلع بالطبع إلى أن يمضي أبناؤنا حتى نهاية الطريق مظفرين، لكن من قال إنه بالفوز وحده ترضى الجماهير عن فرقها، ومن قال إن الكأس وحدها هي عنوان الإجادة، فهناك عناوين أخرى قدمها هؤلاء الأبطال.. عناوين للفرحة والثقة، عناوين مشرقة نهفوا إليها في المونديال وكأس آسيا.. عناوين للمستقبل، خطها جيل المستقبل. اليوم، وعلى أرض البحرين.. أرض الخير والمحبة، سيكتب أبناؤنا آخر الفصول في كتاب تلك الرحلة القصيرة، وكم من رحلات قاموا بها من قبل، ودائماً كانوا يصلون إلى مرفأ النجاح والأماني.. اليوم سيظهرون على المسرح مجدداً، وهم دوماً كذلك، أشبه ببطل إغريقي في مسرحية قديمة، لكنها أبداً ليست حزينة.. إنها قصة «الأبيض»، هذا الجواد الإماراتي القادم.. إنها قصة «الأبيض»، فارس أحلامنا السعيدة. كلمة أخيرة: أيا كانت النتيجة .. ستظل كما أنت .. بطلاً في العيون ودفئاً في القلوب محمد البادع | mohamed.albade@admedia.ae