حالة عالية من الغبطة والشعور بالفخر ارتسمت على وجه الثقافة في الإمارات وسط أجواء الاحتفاء والاحتفال بافتتاح الدورة 37 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب. والكلمة المؤثرة التي ألقاها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والتي حملت الكثير من المضامين العالية أبرزها قوله (لو زرتنا لوجدت الحقيقة في مكانها)، منوهاً هنا بأننا في الإمارات إنما كنا على الدوام نبحث عن الحقيقة، غير منحازين إلى شيء سواها، بينما يسقط كثيرون في الغرب في أهواء الانحياز لما يرغبون في تصديقه، وليس بما هو حقيقي. وهي قضية يتعرض لها الكثير من الباحثين والمؤرخين الذين يتناولون التاريخ من وجهة نظر ضيقة وذاتية، فيقعون في إشكال معرفي كبير. بينما يتوجب على المؤرخ أن يتجرد من الأهواء والميول وأيضاً العواطف، لو أراد فعلاً كشف الحقيقة كما هي. وما أراده الشيخ سلطان من وراء هذه الكلمة هو إيصال رسالة ورؤية الثقافة العربية إلى العالم. وبالأخص استشهاده الذكي بأن الكلمة في اللغة العربية تسمى (نقية)، بمعنى أنها تحمل الحقيقة في جوهرها.
زاد من حالة الغبطة العالية، قصيدة (إكليل الشارقة) المشحونة بالمعاني الإنسانية، وبعبارات الوفاء، والتي ألقاها سمو حاكم الشارقة وأهداها إلى سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة. حيث تدفقت الكلمات من قلبٍ صادق ووفي إلى رفيقة دربه التي عززت من حضور المرأة في الحياة الثقافية طوال هذه السنوات، ومدت يد الخير إلى الجميع. وكان تكريم سموها بإكليل الشارقة، تكريما إلى جميع من شاركوا في جعل الشارقة منارة ضوء كبير يشعُّ بالجمال وحب الحقيقة والوفاء لها.
أيضا ذكرنا مستوى التنظيم العالي للمعرض، بأيام البدايات الأولى في مطالع الثمانينيات، وكيف تطور هذا الحدث على مر السنين ليصبح بهذه الدرجة من الرقي. بداية من خيمة المعارض في اكسبو الشارقة القديم، وكيف في إحدى السنوات تسربت مياه الأمطار إلى المعرض، وأسماء كبار الأدباء والشعراء العرب الذين قدموا أمسياتهم هناك، وكيف جعل هذا المعرض الشارقة حاضنة كبيرة للثقافة والمثقفين منذ تلك السنوات، وكيف أصبحت الشارقة اليوم عاصمة للثقافة العربية والإسلامية والعالمية، ومركزاً عالمياً لصناعة الكتاب. إنه باختصار العمل الثقافي الدؤوب الذي بدأه الشيخ سلطان واستمر لأكثر من أربعين سنة لنخرج اليوم بهذا الحصاد الكبير.