هو خميس لغويات، ولعب على وتر حرف الواو، ونخص واو العطف التي نستخدمها بلا حساب، بلا كلل أو ملل، لها في دفتر الأيام ذكريات من الخوف والشجاعة، الغنى والفقر، الفرح والحزن، الوحشة والاستئناس. ولو حاولنا أن نصنف من يستخدمها؟ وكم تستخدم يومياً؟ لأصبحنا أمام سلسلة طويلة من لعبة الدومينو الشهيرة. وكما للـ«واو» شكلها المميز، لها أيضاً موسيقاها التعبيرية الخاصة، فهي صاخبة مع الصاخبين، وخائبة مع الخائبين، ونوّاحة مع البكائين، وحنونة مع «هيفاء وهبي»، وشوفوا أنتم «الواوا» عندها، ويكفي. وأشهر الـ«واوات» بعد «واو» العطف «واو» «كليلة ودمنة»، والـ«واو» التي جاءت على لسان الموسيقار الراحل والمطرب المحبوب ملحم بركات الذي أطلقها في مهرجان جرش في أغنية «على بابي واقف قمرين» وصهلل مع الـ«واو» الأولى حتى بدت أغنية بحد ذاتها.. وفي سهرة من سهرات رأس السنة في بيروت مرة، ظل بركات «يووي» ويوزع الـ«واوات» على الوجوه الطيبة والكريمة ووجوه الحسان الفاتنات، وبما أن تكلفة السهرة للشخص الواحد 2300 درهم حينها، فإن تكلفة الـ«واو» الواحدة من ملحم بركات بلغت 100 درهم للفرد الواحد. وسمعت أن استخداماً جديداً أخذ يشيع على لسان الضاد العربي بشأن «الواو» فكثير من الناس يستخدمونها كأداة لغة أو أداة تعجب واستغراب واستهبال، فيكثرون من كلمة «واو» الإنجليزية، ويقال إن أغلى مذيعة في محطة «واو» العربية تتقاضى 100 ألف دولار شهرياً، وفوقها «واو» حلوى وملبسة، وقد انتابني شك كبير إزاء الرقم، وإزاء الاسم، وإزاء الـ«واو» التي تحملها هذه المذيعة بعد ما شاهدتها واستمعت لها وهي تقرأ النشرة بتلعثم وارتباك مثل غيرها من المذيعات أمهات 35 ألف «واو» في الشهر، كذلك لم تكن طلتها يعني «واو»!! ولكن يبدو أن خلفها ألف «واو» يغضب، ومعها كما يبدو أيضاً أشهر «واو» على مر العصور، وهي «واو» الواسطة التي خربت الكثير من المؤسسات والشركات، وكله بسبب المحسوبيات، فهي عنوان الفساد في أي مكان وأي زمان، لأنها تنتزع الفرصة ممن يستحق، وتمنح لمن لا يستحق، وكانت الثقافة الشعبية العربية تطلق عليها قديماً لقب «كارت غوار». وأخيراً.. لا تحزني يا «واو» الجماعة إذ يشددون عليك الحراسة، بألف الإضافة! وأما «ليك الواوا.. شوف الواوا» فهي محروسة من العين بـ«ألفين»، ولأن الجزاء من جنس العمل، فلا بد أن نرحب بـ «شخبط شخابيط.. لخبط لخابيط» الخالية من حرف الواو. ويا جماعة أعيدو للـ «واو» مكانتها بين «كليلة ودمنة» ولا تكتبوها بالطريقة العميانية «كليلة ودمنة» وأعيدوا لها أداءها الجماعي، وأبعدوها عن الواسطة، والـ «واوات» الهايفة، فهي ربطت النون والقلم بأحلى الكلم.