الفرق بين العربي والمسلم، وبين الإنسان الغربي أو الأميركي، حين تسألهم عن أمنياتهم، الأوروبيون والأميركيون لا يفكرون، ولا يتباطأون في الإجابة، ولا يعقدونها، فأمنياتهم قريبة من القلب واللسان، وفكروا فيها أكثر من مرة قبل تلقي السؤال، وستكون بسيطة وشخصية، ويمكن أن يعدها البعض منا من أصحاب الأفكار والمبادئ والمؤدلجين أنها سخيفة، ولا تعبر إلا عن شخصياتهم الهزيلة فكرياً، والمتخمة مادياً. فلا تستغرب إن كانت إجابة الأميركي: أتمنى أن أسوي قرضي السكني، لأحظى بقرض آخر لسكن أوسع، وأقرب لعملي أو يقول آخر: أتمنى أن تتخلص زوجتي من التدخين أو يقول زوجان: نتمنى أن نقضي إجازة ممتعة في الهند الخريف المقبل أو يقول عسكري متقاعد، أتمنى لو أنني لم أشارك في حرب فيتنام، لن تسمع أميركياً أو أوروبياً يقول لك: أمنيتي أن يظل الاتحاد الأوروبي صامداً متحداً، وأن لا يجعل الله بين دول تشينجن فرقة أو تضارب مصالح، أو يقول لك الأميركي: أتمنى أن تزداد الولايات المتحدة الأميركية قوة، وتصبح سيدة العالم بلا منازع، أو تسمع إيطالياً يقول لك: أتمنى أن يخلصنا الله من أهل النمسا. وحدنا نحن العرب والمسلمون من يتمنى أن تظل الدول العربية متوحدة، لا تفرقها الخلافات، والمسائل السياسية، وأن يعيش العرب في وحدة لا يغلبها غلاّب، وأن يظل المسلمون يداً واحدة أو كالبنيان المرصوص، ويتخلصون من أعدائهم، ومن يريد بهم كيداً، فليرده الله له في نحره، ويأخذه أخذ عزيز مقتدر، عند العربي والمسلم ليست هناك أمنيات شخصية وبسيطة، خاصة إذا ما أشهر الميكروفون والكاميرا في وجهه، تتحول الأمور إلى أمنيات عامة، وطوباوية، وغير مقتنع بها، وكأنها ديباجة حفظها، ولا يمكن أن يخرج من ربق رسنها، كل الأماني والأمنيات هي للأوطان، وما خرّبت السياسة، وما تسببت به الأنظمة العسكرتارية والفاسدة أو عبثت به الأيدولوجيا السياسية المستوردة دون وعي. لن تجد في العرب والمسلمين أحداً يتمنى لزوجته أن تتخلص من أمر يضايقها ليعيش معها في وئام، وتعيش هي بعيدة عن الآلام أو أحداً يتمنى بناء شبكة سكك للقطارات تحت الأرض أو أحداً يتمنى مزيداً من الاهتمام بالبيئة، لقد كانت الأمنيات منذ ذلك الزمان كلها ترفرف بين السماء والأرض، أقلها الموت في الجهاد أو تحرير فلسطين، وأعلاها أن تكون كلمة المسلمين على يد رجل واحد، لقد عانت المجتمعات العربية والإسلامية في العموم مآسي وأهوالاً وظلماً واستغلالاً من الغريب والقريب، حتى غدت أمنيات الناس فيها تسأل العفو والعافية، وأن يتولى أمورهم خيارهم، وأن يجمع شمل العرب والمسلمين، بحيث تلاشت أمنياتهم الصغيرة، وتنازلوا عن ما يضحك قلوبهم بتباشير شخصية، لأمور أجل وأعظم وأشمل؛ لأنهم لا يريدون لقلوبهم أن تفجع بها يوماً! amood8@yahoo.com