يوم الشهيد، والمجد المجيد، والتاريخ التليد، يوم البطل العتيد والحارس الصنديد، يوم سال الدم الطاهر، في ساعة الوغى من أجل الشرف والكرامة وعزة الإنسان، يوم توحدت فيه نداءات السماء، وما جاش في خاطر الإنسان، يوم أفتُديت الأرواح، فصارت كأجنحة الطير مرفرفة، مهفهفة، مترقرقة ما بين النجوم والنجوم، كأنها الضوء النوراني، يشع على تراب الوطن فيهديه الضياء والصفاء والنقاء، وتخضر الصحراء عشباً كونياً، ماؤه دماء، ولونه كخضاب الأتقياء.. يوم الشهيد، أدمعت عين الأم فرحاً، وهتف قلب الأب اعتزازاً، وصفق الوطن للفائزين بجنات الخلود، يوم الشهيد، استرخى البطل على الأكتاف، ملفوفاً بعلم الإمارات، معطراً بعبق البوح النبيل.. يوم الشهيد، يوم تتأمل فيه العقول، نفحات السماء، وتتنقل القلوب بين بساتين الفرح، فخراً وذخراً هؤلاء هم الذين سيجوا الوجدان بخير الأشجان، وطوقوا الأعناق، بقلائد الكبرياء، ووضعوا على النحور جواهر الثغور، هؤلاء هم الذين تركوا الوالد والولد، والأم وفلذات الكبد، وجمعوا من حسنات الدنيا لأجل يوم لا ينفع إلا ما حصدته النفس المطمئنة، أسعد العشاق، وأبهج الأمد، يوم ارتفعت فيه روح الشهيد إلى الباري عز وجل، وصار الدم المراق، حبل المسد، يخنق الأعداء، ويكيد فيهم كيداً ولا أحد، سواه الشهيد الذي أيقظ في العالمين، صوت الجَلَد هو وحده سدد الُخطى واختال الشهادة، بإراقة دم كالشهد. يوم الشهيد، يوم يقف الوطن شامخاً، راسخاً، مرفرفاً بعلم، ساريته من وريد الشهيد، وقماشته من أشواق المحبين، واللون، لون أخلاق هذا الشعب الأبي، وقيادته الفريدة. يوم الشهيد، يوم يعانق الطير الشجر، ويرفع النشيد عالياً، معتزاً بإلياذة الإمارات، بملاحمها البطولية، بتاريخها الأسطوري، بعطائها الذي لا يكف ولا يجف ولا يخف، إنه نهر الصحراء العظيم وبوحها الكريم، وعطر أشجارها وسر افتخارها، وسحر نهارها. يوم الشهيد، يوم تتجلى فيه سجايا الأصفياء، وثنايا الأتقياء، وطوايا الأوفياء، ونوايا النبلاء، يوم يكلل الرؤوس بالرفعة، ويجلل النفوس بالمنعة، والحرب الضروس مفتاح انعتاق، أسرى الظلم والاضطهاد من كيد الغاصبين، والإمارات الصوت المؤزر برعاية الله، والساعد المدثر بعرق الصادقين المخلصين، العاشقين للشهادة، من أجل حرية الإنسان وكرامته، ونخوته وصبوته.