الفرحة الأسمى، والأجمل، هو ما يحدث في خلد وطن يضيء بالزمن، والكل فيه يزهر بالحياة، كل الربوع تنعم مساحة للروح، واللحظات نشيد، مثلها تتوق للرؤية ولا تنسى، مستلبة كالرسم بالذاكرة الجميلة، وكأنها حافظة لأهل الود. كان سعيا وراء قلب مؤمن بجمالية الوطن الواحد، ولم يتخلى عن ركن من الأركان، بل أضفى الفرحة على وجوه كانت من تخوم الماضي، كانت تصلي من أجل عبارة تجلت، مفعمة بالخير. بدأت الإمارات كلمة تداعب المخيلة، لم تنأى لآلئ البحر بعيدا، لم تختبئ، نفيسة بدأت تزين نسائم الالتفاف على الأماني، وطن لأنفاس تتعانق، ترسم المحبة الأزلية، وتبث شغفها لتكامل الرؤية واللغة ونسل الحروف. النهج الأسمى، يفوق الوصف ويسكن الشمائل سندس المدى، مروجا للحفاوة يزخرفها فرح العروبة وجمالية الدين، تتشابه الذكرى بالبدء، يوم قيام الحب وطنا شامخا، وارتفاع البهجة لتعم السماء، منذ قراءة العالم كما لو يوحي لها الاسم والمعنى، كما لو جدلا أيقظ العالم من سبات، فتحطمت معادلة النسيان على كوكب تمتم وابتسم باسم الإمارات وتبسم، وضحك الضياء فرحا وضاء، وقد أطفأت شموع الوطن ظلاما سرى بالمدى البعيد، أعاد الاتحاد لنا أعماق الصباحيات الباكرة النقية، وبزوغ أول الإشراق، تستهلها النسمات وتمضي مابين عراجين النخيل والظلال الوارفة، ووجه آخر للبساتين تغدو حولها عصافير الأحلام. وطن هو أم جدول نقي يتدفق ما بين مسامات العالم، بدر رحابة يندر بريقه في الزمن ويكتمل، ينبئ خيرا كلما طل على خرائط بلا عنوان، يسدي بارقة أمل، يرتق أوصال أصابها نزف عميق، أو أرعبها بركان، وطن يحتضن الحياة كلما خلفت الأزمان ثكلى، زادا لكل الطرقات الوعرة المبهمة، نسيجه رأفة لا يقبل أن يمس البعيد قبل القريب. ترتعش اللحظات فرحا إمام مرآة العالم، ولن تكف عن التذكر وهي تجنح بجناحي الوطن الواحد.. نزلوا عن أفكارهم أو تنازلوا يحثهم وابل الغياب والليالي الصعاب، بابها وهاب، لياليها نخب لا تعبأ بالرهاب، تراقص المستحيل من علو غيمة، تصنع الأزمان جاذبة، تنجز الأمجاد، وتلحق بالأبصار انبهار، مشاهد بكر شأنها الأساطير، من خيال إلى خيال، ومن حلم يستمد سرمدية الأعوام. هذه كرنفالات العيد تأتي من بعيد، وكأنها عادت من شوارع المدن، تزينها سعف النخيل، عادت إلى شواطئ طفولتنا حين للفرح في مقتبل العمر له طعم آخر، عادت الى مرابع الزمن القديم، تزخرفها نشوة الابتهاج، تزينه السيارات، المتهيئة على شكل بيوت ومساجد، نجمها يضيء الطرقات، استمدت النخلة طلعها الفارع وكأن عنفوانا للفرح ومجدا على أوج الازدهار، حفاوة معطرة تتوه على ملابسنا، فيتعتق المطر بالفرح من شدة السهو، تدنو الكرنفالات من خطواتنا الصغيرة، تلاحقنا موجات البحر، ينسل منها كتابات غادرها البحر على التراب المملوء برائحة الورد، امتشقنا الريح، نقتفي أثر كل المسارات، أصبحت ترانيم وطن تتدافع نحو ذكرى الغناء وسط الشموع المنحوتة على أبواب الصولجان.