اليوم هو اليوم الوطني.. يوم يحلو ويزهو، وإن كان وداع الباني والراعي للاتحاد وصانع فرحة اليوم، يفرض جلال حضوره ويلقي بظلاله كنوع من التذكّر الجميل لا يغيب عن القلوب، ولا تتناساه الذاكرة، وما نراه في عيون البراعم الصغيرة من الأجيال الجديدة التي ما زالت تنشد له، وتسمى باسمه كنوع من الوفاء، وحفظ الجميل، لأن هذه المناسبة التي لها في قلوب أهل الإمارات معنى وهيبة، كانت من أحلامه الكبيرة التي عرفنا من خلالها العالم، وعرفنا نحن بها العالم.
وإن كان من فضيلة للخروج من حزننا المغلف بحب التذّكر لقائدنا الراحل، فهي الذهاب نحو أفق جديد للعمل الوطني، ونحو استثمار جيد للطاقات والجهود الشابة من أجل تعزيز مفاهيم الباني والمخطط الأول، وإن كان من فضيلة أخرى للخروج من بكائنا المغلف بحب التذّكر على والدنا الراحل، فهي تولي مقاليد الأمور بكره وسنده والذي رافق وتابع المنجزات الكثيرة التي زهت بها أبوظبي وعمت بلادي الإمارات، وكانت تحت ناظريه تلقى الدعم وتحظى بالرعاية والمتابعة، وهو اليوم.. متسلم دفة القيادة ويبحر بسفينة من صنع أبيه، وجهد أهل الدار الصابرين، ليقف متفكراً ومتبصراً في منجزات شارك في صنعها وساهم في متابعتها، ويرى فيها مزيداً من التطور وكثيراً من التطوير، وشواهد كثيرة قابلة للتنفيذ وبلوغ الحلم القديم ومشاريع مبشرة وستطل برأسها معلنة عن تواصل حكمة الأمس ببأس الغد الجديد، من أجل أن تظل الإمارات دائماً خضراء وريّانة بعودها النضر والخضر، وتبقى على الدوام زاهية بشمس لا تغيب، وإن كان اليوم هو اليوم الوطني.. فالواجب دمعة سخينة على ثرى ذلك الطيّب الراقد، متلحفاً بثوب الطُهر وما يصنع الكرماء، والواجب أيضاً أن نحافظ على ما صنعه لهذا الجيل وما قدمه للإمارات ووصله إلى العرب والإخوان والأصدقاء، لا يفرّق بين قريب وبعيد، ولا بين أخ وغريب، والواجب كذلك أن نبقي الإمارات أكثر إشراقاً وأكثر تقدّماً بكل مقاييس التقدم اليوم، وتبقى بسلامتها واحة للحرية والأمن والأمان، وتبقى تسابق الوقت من أجل الجديد والمفيد، ومن أجل أن نظل نتباهى بمنجزاتنا الإنسانية ومساهماتنا في سير الأمم وتقدم الحضارات، ولا يجب أن يهزمنا عدد السكان أو صغر مساحة الأرض، فقيمة الوطن هي الإنسان، وثروة الأرض هي العلم، ومتى ما توحد العلم والإنسان وصادف الإرادة القوية، كانت كل الأشياء قادرة أن تجعل الرمل أخضر، وقادرة أن تجعل الحياة أبهى وأنضر، وقادرة أن تجعل من يومنا الوطني وعداً وموعداً لكل شيء جميل، وقابل أن يكون ملوناً بالحب والعمل والولاء لذلك العلم الذي سيبقى مرفرفاً تحت تلك الشمس المشرقة على حلم بلادي.



amood8@yahoo.com