عام جديد، وأمنيات تتجدد بأن يكون مليئاً بالأمل، فـ «نحن محكومون بالأمل»، نتمنى أن تنعم الأوطان كلها بالأمن، وتعود الأرض السليبة لأصحابها، وتصفو النفوس لتخضرّ القلوب، وتتشابك الأيدي لفعل الخير، لا أن تشتبك في صراع على مصالح وماديات هي حطام رخيص من الدنيا. أمنيات بأن تعود البسمة لكل من حرّم منها، وأن ينعم كل طفل بكنف أبويه، وكل يتيم بيد خير حانية تعوّضه حرمان الأبوين، ولو بمسحة يد على رأسه، وأن يعود كل غائب غيّبته قسوة الظروف أو قلة ذات اليد في المنافي البعيدة، إلى أحضان أمهات طال انتظارهن لحظة اللقاء، وتشفى جراح وأوجاع المرضى، بتكاتف إخوة وأصدقاء لهم، بزيارة، بابتسامة، بباقة ورد، بكلمة حب صادقة. أمنيات بزوال الحقد من النفوس، بتقييم الإنسان على ما في قلبه لا على ما في جيبه من الفلوس، بعودته إلى ذاته، وإنسانيته، قبل أن يفكر في سرقة، ولو حبة عرق من جهد كادح مجّد، أو في ظلم ضعيف لا حول له ولا قوة. أن تغيب أصوات المدافع، وتعلو موسيقى الحياة كل المسامع، وتُلقى كل الأسلحة في القمامة، لتصبح ماضياً من التاريخ، كزوال الغمامة، وتتوقف لغة الحروب لتسود لغة الوئام والسلام، وتنتهي الصراعات وتنطلق الحوارات، وترتفع وتيرة الحب، ويهدأ ويختفي إيقاع طبول الحرب. أن يعيش الإنسان بحقيقته، بوجهه الواحد وبقلبه الواحد لكل الأيام، لا بقناع ووجه مختلف لكل يوم، أن يبلسم لأخيه الأسقام، لا أن يزرع له الألغام، أن يهديه وردة، لا قنبلة، أن يكون كعطاء سنبلة.. أن يغني له أغنية حب جديدة، لا أن يدبر له مكيدة، أن يتمنى له النجاح، لا أن يطعن في ظهره الرماح. في العام الجديد نتمنى أن يؤوي الأبناء الآباء والأمهات، في قلوبهم قبل بيوتهم، لا أن يرموا بهم دور العجزة والعاجزات. في النفس أمنية بأن تزول خلافات كل العرب، وتصبح ماضياً قد ولّى وذهب، ولا يبقى حتى العتب. ها هو الحادي متغنياً بالضادِ كل ديار العرب عادت بلادي قد عاد بنوكِ الأوفياء للإنشادِ ها هم خير البنون للأجدادِ نبذوا ماضي الفرقة والآحادِ عهد وفاء من الأبناء والأحفادِ سجل أيها التاريخ يوم ميلادي يوم توحّدت كلمة العزّ والأمجادِ في العام الجديد نتمنى زوال الحدود وتكسّر القيود، وصفاء القلوب وحلاوة الدروب، واجتماع الكلمة، وانفراج الأزمة، وذهاب الهمّ وزوال الغمّ، والفوز والنجاح لكل مسعى للفلاح والصلاح، لا للصراخ والصياح. أمنية يغصّ القلب بها اليوم وكل يوم أن يصبح للعرب محل من الإعراب، بين الأعداء والأصحاب، وأن يصبحوا «فاعلين» دوماً في التاريخ، ممنوع صرفهم عن القيام بدورهم في صنع الحضارة، وألا تلقى على كاهلهم جزافاً مسؤولية الإرهاب، لكل مدعّ وكذّاب، أو أفّاق ونصّاب. .. أمنيات قد تكون خيالية، ولكنها ليست مستحيلة.. ما دامت في القلب عروق تنبض.. فالأمل رفض للموت والاستسلام. بقيت في النفس أمنيات وأمنيات نتمنى أن تتحول إلى واقع نعيشه ونتمتع به كأبناء أمة عريقة وحضارة رفدت التاريخ بإنجازات لا ينكرها عدو ولا صديق، وإن كانت طالت كبوتنا، لكننا على ثقة بأن فجر يوم العودة إلى صفحات التاريخ المشرقة والتي تدعو للفخر بها لا محالة آت آت. عام جديد، وأمل جديد، وفجر جديد.. تنفّس بعمق واملأ رئتيك بهواء الوطن العليل، واسمع دقات قلبك ماذا تقول.. صباح الخير يا وطن.